فإن الخلفاء الراشدين يجعلون لأنفسهم نصيبًا من بيت المال (?) يقوم بما يحتاجون إليه لأنفسهم، ولمن يعولون، على وجه العدل، وعلى طريقة الزهد، وهم أزهد العباد في الدنيا وفي الاشتغال بها. كذلك من كان منهم بعد انقضاء خلافة النبوة، التي يقول فيها الصادق المصدوق: " الخلافة بعدي ثلاثون عامًا، ثم تكون ملكًا عضوضًا " (?)، فإن هذه المدة انقضت بخلافة الحسن السبط - رضي الله عنه -، ثم كانت من بعده ملكًا عضوضًا، وفيها، أعني المدة التي بعد انقضاء مدة الخلافة القيام بحفظ بيضة الإسلام، وجهاد الكفار، وفتح ما لم يكن قد فتح من الأقطار، وكان الصحابة رضي الله عنهم، يقصدون من بيده أمر المسلمين، ويطلبون منه ما لهم فيه حق من بيوت الأموال التي بيده، وذلك هو من طلب الرزق، ويقبلون منه ما يعطيهم، من غير كشف عن حقيقة الحال، وهكذا من بعدهم من التابعين، وكان هذا حال خير القرون، ثم الذين يلونهم، كما ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة (?).

[الحاكم له أعوان]

وكان من أهل هذين القرنين من يلي للقائمين بالأمر الأعمال من قضاء وإمارة على بعض البلاد، وإمارة على جيش، ولا ينكر هذا منكر، ولا يخالف فيه، وهذا هو نوع من أنواع طلب الرزق. وإن كان العمل قربة كالقاضي، وأمير جيش الجهاد، فإنه لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015