ذلك واجبة، لأن خصمه لم يكن قد حلف حتى ينقطع الحق بيمينه، فالحاكم إذا صنع هذا فما صنع إلا ما هو محض الشريعة الغراء. فلو قال للمدعي بعد أن طلب اليمين وتهيأ لها المنكر فقال عند ذلك: له بينة، وقال: بينة موجودة، وخصمي لم يحلف، فقال الحاكم قد قضي الأمر، وجف القلم، وانقطع الحق. وليس لك إلا ما قد طلبته من اليمين التي لم يكن قد نطق المنكر بحرف منها لكان هذا الحكم بالأحكام القراقوشية (?) أشبه منه بالأحكام الطاغوتية، فضلاً عن الأحكام الشرعية. على أن هاهنا دقيقة لطيفة هي: أن المدعي قد يعلم أن خصمه المنكر قد يتورع عن اليمين إما خوفًا من الله - عز وجل -، أو من العقوبة الدنيوية، فإذا ترك طلبها منه حتى يبذلها ويتهيأ لها أتبعه بتحصيل البينة [4ب]، وفتح له بعد ذلك أبواب الجرح والتعديل، وأطال ذيل الخصومة بغير حق. ومعلوم أن مثل هذا ليس من الشريعة السمحة السهلة الواضحة التي ليلها كنهارها، فإذا لم يجبه الحاكم إلى ذلك فقد ظلمه ظلمًا بينًا، وتسبب لأحد أمرين: إما