وإن لم يكن في بلد المتخاصمين من هو كذلك وجبت إجابة الداعي إلى حاكم متصف بتلك الصفة، ولا اعتبار بمن في البلد من القضاة الذين لا يتمكنون من الحكم بما أمر الله بالحكم به، ومن كان هذا جوابه لم يرد عليه شيء مما أوردتم، فراجعوا ما أجبت به عليكم، فهو لديكم حتى تعلموا أن ما أوردتم هاهنا غير وارد عليَّ، ولا لازم لي، فهذا دفع إجمالي، ونقض لما أوردتم في هذا الكلام، فلنعد الآن إلى الكلام [12أ] على تفاصيل هذا الكلام.
فنقول: قلتم: وحكم الله في تلك الحادثة مظنون كل مجتهد، والتعيين تحكم، وأقول: هو ممنوع؛ فإن حكم الله - سبحانه وتعالى - في تلك الحادثة وفي غيرها من الحوادث ليس إلا واحدًا يصيبه من أصابه من أهل الاجتهاد، ويخطئه من أخطأه. ولو كان حكم الله هو مظنون كل مجتهد لكان تابعًا لاجتهادات المجتهدين، ومرادات المريدين، وهو يستلزم أنه لا حكم لله في تلك الحادثة أصلا، بل حكمه فيها متجدد بوجود كل مجتهد على حسب ما يقتضيه اجتهاده، وهذا باطل وإن قال به بعض متأخري المعتزلة (?)، وقلده من قلده ممن جاء بعده، فمن جاء بالقول الفاسد فهو رد عليه