الواضحة، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا جاحد " (?).
وقال سلمان الفارسي - رضي الله عنه -: " لقد علمنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - كل شيء حتى الخراءة " (?) فتقرر بهذا أن الشريعة التي أوجب الله على عباده الإجابة إليها في حياة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - هي هذه الشريعة التي تركها بين أظهرنا المزبورة بين دفتي المصحف، والمنقولة في دواوين الإسلام، وما يلتحق بها. ولم يكن إيجاب الإجابة إلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لكونه رسول الله، ولا لكونه مختصًا بما لم يكن لأمته من الفضائل والفواضل التي لا يحاط بها، بل لكونه حاكمًا بين الداعي والمدعو بهذه الشريعة الموجودة.
فإن قلت: العصمة الثابتة له - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - دون غيره من أمته فارقة بينه وبينهم.
قلت: محل النزاع أن الدعوة بعد موته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - إلى حاكم يحكم بتلك الشريعة التي جاء بها المعصوم، لا إلى حاكم يحكم بمجرد الرأي الذي يكون تارة صوابًا وتارة خطأ، على أن الحكم بالرأي عند عدم وجود الدليل في الكتاب والسنة إن صح دليله فهو من شريعته التي أرشد إليها أمته، فإنه قد أخرج أبو داود من حديث معاذ أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لما أراد أن يبعث معاذًا إلى اليمن قال: " كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ " قال: أقضي بكتاب الله، قال [6أ]: