النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: " لو كسوتهما بعض أهلك " إعلامًا له بأن هذا كان كافيًا لو فعله، وأن الأمر للندب.

ولا يخفى ما في هذا من التكليف الذي عنه مندوحة؛ لأن القضية لم تكن واحدة حتى يجمع بين الروايتين بمثل هذا، بل هما قضيتان مختلفتان، وغايته أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - في أحد القضيتين غلّظ عليه وعاقبه فأمره بإحراقهما، ولعل هذه المرة التي أمره فيها بالإحراق كانت بعد تلك المرة التي أخبره فيها بأن ذلك غير واجب، وهذا وإن كان بعيدًا من جهة أن صاحب القصة يبعد أن يقع منه اللبس للمعصفر مرة أخرى بعد أن سمع فيه ما سمع المرة الأولى، ولكنه دون البعد الذي في الجمع الأول؛ لأن احتمال النسيان كائن، وكذا احتمال عروض شبهة توجب الظن بعدم التحريم، ولا سيما وقد وقعت منه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - المعاتبة على الإحراق.

قال القاضي عياض (?) [9]: " أمره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بالإحراق من باب التغليظ والعقوبة " انتهى.

وأخرج مسلم (?) وأبو داود (?) والترمذي (?) والنسائي (?) عن علي - عليه السلام - قال: " نهاني رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عن التختم بالذهب، وعن لباس القسي، وعن القراءة في الركوع والسجود وعن لباس المعصفر " وقد قيل: إن هذا النهي مختص بعلي عليه السلام؛ ولهذا ثبت في رواية (?) عنه أنه قال: " ولا أقول نهاكم " ويجاب بأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015