وإلا لزمَ في أولاد الإماء المستولدات (?) كما تقدم، بل لزم في أولاد الحرائرِ والأحرارِ كما عرفت، لأن وجود ما يستقل بالسببية يوجب المضيَّ عليها، كما يوجب المضيَّ عليها وجودُ سببين، أو أسبابٍ، لأن المراد حصولُ ما يصلح للسببيةِ. وقد وجد هنا غير معارض بما هو مثلُه، أو رجح منه، فقد حصل المقتضى ولم يوجد مانع يمنع من اقتضاء ذلك المقتضى إلاَّ مجرَّد خيالات مختلَّة، وعلل باطلة معتلة.

فإن قلت: قد ذكروا أن المكاتِبَ يردُّه في الرق اختياره حيث لا وفاء عنده لمال الكتابة (?).

قلت: وأين هذا من ذاك! فإن المكاتب باقٍ في العبودية، وهو عبد ما بقي عليهم درهم (?)، والعبودية أصله، فمقتضى حريته لم تحصل بل وجد المانع منها، وهو عدمُ قدرته على الوفاء بمال الكتابة (?)، فهو هنا إخبار ما هو أصله لعجزه، ولو لم يختر لم يصرِحّوا قطُّ إلاَّ بألوف ما كوتب عليه، ولم يبطل عليه إلاَّ ما قد كان ثبت له من بعض الأحكام المشروطة بالوفاء، وأين هذا من رجل حرٍّ خالصِ الحريةِ، معلومِ النسبِ تزوَّج بأمةِ غيرِه لعدم قدرتِه على نكاح الحرَّةِ، عملاً بقوله ـ عز وجل ـ: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ ... الآية} (?) فكان هذا الدخول في هذا النكاح الذي أذن الله له به في كتابه العزيز موجبًا لعبودية أولاده شاء أم أبى، لمجرد زعم من زعم أنه لا يتزوَّج بأمة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015