وقد استحسنَ جماعةٌ من العلماء أشياءَ كثيرةً في العبادات والمعاملاتِ كما حكى عن بعض الأئمة أنَّه كان يمنعُ الناسَ عن المعاملة في السَّلْمِ أن يقعوا في الرِّفقِ مع جَهْلِهم. وما استدلَّ به ـ تولاه الله ـ في منع الماء من الأحاديث (?) فصحيحٌ، ولكنْ ما سبقَ إليهِ الحقُّ فهو للسابقِ كما ذكرناه في العشبِ، لأنَّ لفظ الحديث عامٌّ في كل مباح، ولهذا جرتْ عادةُ الناسِ بمنع الدخول إلى آبارهم التي في دورِهم وبساتينِهم، والحديثُ عامٌّ: "المسلمونَ شركاءُ في ثلاثٍ" (?) كما تقدم. فما أدري من أين التخصيصُ للباقي ـ عافاه الله ـ في غير داره، لو دخل أحد يترعُ لَعُزِّرَ بأنواع التعزيرِ إن لم يكن سبقَ الحقَّ، أو يكون من حديثِ بئرِ رومةَ (?) حين شرَاها عثمانُ وسبَّلها، وجعلَ دلوه فيها كدلاء المسلمين، فيجوزُ للمالك أن يمنعَ على بئرهِ المملوكةِ أعني من استعمالِ ملكِه، ولو أدى إلى منع الكلأ، لأنَّ الحديثَ (?) ورد فيما لم [3ب] يَسْبِقْ إليه أحدٌ فيكونُ سبيلُ المتحجِّر من المراعي سبيلَ ما يتحجّر لمرافقِ القريةِ لحاجتِهم إليه، وأنا أضرب له مثالاً ـ عافاه الله ـ لو كان عشبٌ بين جبلينِ في بطنِ وادٍ يسعُ قدرًا معلومًا من الشاء والإبل نحو ألفٍ، فورد عليه أهلُ قريتين في لحظةٍ واحدة، وهو لا يكفي إلاَّ إحداهما، وثار بينهم الخصامُ كلٌّ يريدُ الاستبدادَ به فيقولُ: لا يصلُحُ شأنُهما إلاَّ قسمتُه بينَهما ونضرب محجَّرًا قاسِمًا يدفعُ الخصامِ، ويرتفعُ به الضِّرارُ، وإن قلنا أنتم سواءٌ ألقيناهُم في الحيرةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015