فيهم الملك في أرض الإسلام حتى انفرضوا، وانتقلعنهم إلى غيرهم من سائر بطون التتر، ومن الجراكسة وأشباههم فعملوا فيها بهذا الكتاب في الأمور المتعالمة بالملك، مع إسلامهم وعملهم في غير ذلك بأحكام الشريعة المطهرة. والسبب في ذلك أن الشيطان سول اهم أن الملك لا يصلح بالتدبيرات الشرعية، ولا يقوم بغير تلك الرسوم الكفرية كما ذكر ذلك غير واحد من المتاجمين لتلك الدول كالمقريزي في الخطط والآثار (?) وغيره. وثم إن عامة مصر أدخلوا [4أ] على لفظ ذلك الكتاب شيئا مهما فقالوا سياسيا (?) وبعضهم يقلب الألف الآخرة هاء فيقول سياسة كما هو المعروف الآن، ثم تزايد الشر ووجد الشيطان المجال لما يرومه من الإضلال، فلم يدع مملكة من الممالك، ولا قطر من الأقطار إلا وفيه من هذه القوانين الكفرية نصيب. ومن عرف الأمور كما هي عرف ما وصفناه، وإذا أنكر العالم شيئا من تلك القوانين الطاغوتية على ملك أو أمير أجابه بأن هذه قوانين سلطانية، أو قواعد ملوكية، أو مراسيم دولية، وكأن هذه الشريعة المحمدية لم ترد إلا لتدبير الناس فيما يرجع إلى دينهم دون دنياهم، ولو عقلوا لعلموا علما يقينا أن صلاح أمور الدين والدنيا كله في الهدي المحمدي، والشرع المصطفوي.
وانظر ما وقع من واضع الكتاب إلياسا من التدبير الذي هو التدمير لأكثر العالم خصوصا هذه الأمة المرحومة، فان جنكيز خان- لعنه الله- كاد أن يستاصل الإسلام، وبمحق آثارأهله، فانه خرج من بلاده إلى ما وراء النهر كبخارى، وخوارزم، وسمرقند،