بالتوحيد، ولو كان مجرد التكلم بكلمة التوحيد موجبا للدخول في الإسلام، والخروج من الكفر، سواء فعل المتكلم بها ما يطابق التوحيد أو يخالفه لكانت نافعة لليهود، مع أنهم [26] يقولون: عزير ابن الله، وللنصارى مع أنهم يقولون: المسيح ابن الله، وللمنافقين مع أنهم يكذبون بالدين، ويقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، وجميع هذه الطوائف الثلاث يتكلمون بكلمة التوحيد، بل لم تنفع الخوارج (?) فإنهم من أكمل الناس توحيدا، وأكثرهم عبادة، وهم كلاب النار.

وقد أمرنا (?) رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بقتلهم مع أنهم لم يشركوا بالله، ولا خالفوا معنى لا إله إلا الله، بل وحدوا الله حق توحيده، وكذلك المانعون للزكاة هم موحدون لم يشركوا، ولكنهم تركوا ركنا من أركان الإسلام، ولهذا أجمعت الصحابة على قتالهم، بل دل الدليل الصحيح المتواتر (?) على ذلك، وهو الأحاديث الواردة بألفاظ منها: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، ويحجوا البيت، ويصوموا رمضان، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها " فمن ترك أحد هذه الخمس فلم يكن معصوم الدم ولا المال، وأعظم من ذلك تارك معنى التوحيد، أو المخالف له بما يأتي به من الأفعال.

فإن قلت: هؤلاء المعتقدون في الأموات لا يعلمون بأن ما يفعلونه شرك، بل لو عرض أحدهم على السيف لم يقر بأنه مشرك بالله، ولا فاعل لما هو شرك، ولو علم أدنى علم أن ذلك شرك لم يفعله.

قلت: الأمر كما قلت، ولكن لا يخفى عليك ما تقرر في أسباب الردة أنه لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015