هو حق من حقوق الأرض لغير مالكها كالمراهق التي ينصب منها السيل إلى الأرض، فلا يجوز للغير أن يحرثها أو يفعل فيها فعلا يعد إحياء، ويتأثر على ذلك الفعل انصباب الماء إلى غير المحل الذي كان ينصب إليه، مع أنه لم يكن لصاحب هذا المحل إلا مجرد حق، وهكذا لو كان الرجل يستحق المرور من موضع مخصوص فليس لغيره أن يجعل في ذلك الموضع ما يمنع المرور لا بإحياء ولا بغيره، مع أنه ليس هاهنا إلا مجرد حق لا ملك، فهكذا لا يثبت لصاحب العروق حق، ولا ملك في التخوم المستحقة لغيره، أو المملوكة على القولين، وهكذا يجوز لصاحب الأرض أن يحفر خندقا ما بين أرضه وأرض شريكه الذي يخشى سريان عروق غروسه إلى تخوم أرضه إن كان بينهما موضع غير مملوك، ويصير بذلك الحفر مالكا، لأنه إحياء، فإذا قطع ما امتد من العروق فهو قطعه عن ملكه ولا خلاف في جوازه، وهكذا إذا جعل الخندق فيما هو من جملة أرضه فهو يسوغ له قطع العروق بالأولى، ويمكن أن يستدل على هذه الجملة بعموم الحديث: " ليس لعرق ظالم حق " وقد أخرجه أبو داود (?)، والدارقطني (?)، وغيرهما (?).
قال السائل - عافاه الله -: وبعد قلعها لمن يكون العروق؟ هل للذي قلعها أم لمن له أصل العرق، أو لمن امتد إلى أرضه؟.
أقول: بل يكون لصاحب الغروس، لأنها لا تخرج عن ملكه بدخولها فيما هو حق أو ملك غيره، كما لا تخرج الأغصان عن ملك صاحبها بامتدادها على الهوى المستحق للغير، أو انبساطها على الأرض المملوكة للغير. ولا فرق بين حق، وحق ملك، وملك.