وظاهر أحاديث النهي السالفة (?) أن بيع الحاضر البادي محرم من غير فرق بين القريب والصديق، وغيرهما، وإلى التحريم ذهب الجمهور (?)، وهو الحق. وذهب عطاء ومجاهد، والهادي، وأبو حنيفة (?) إلى ذلك مطلقا من دون كراهة، واحتجوا أولا بأحاديث النصيحة (?) لكل مسلم، وهي أحاديث صحيحة، ولكنها تجاب عنها بأنها أعم مطلقا حتى أحاديث النهي للحاضر عن البيع للبادي فلا يصلح لمعارضة أحاديث النهي، ولا لنسخها (?) كما زعم البعض، اللهم إلا أن يصح تأخر أحاديث النصيحة عن أحاديث النهي؛ فإنها تكون ناسخة عند من جعل العام المتأخر ناسخا، وهو مع كونه مذهبا مرجوحا متوقف على تأخر العام، ولم ينتقل أحد من أهل العلم أنه متأخر فيبني العام على الخاص كما هو المذهب الحق. وقد نقل بعضهم أنه مجمع عليه من جهل التاريخ، واحتجوا ثانيا بالقياس على جواز توكيل البادي للحاضر (?)، ويجاب عنه بأنه قياس في مقابلة النص، فهو فاسد الاعتبار، على أنه لو سلم وجود دليل يدل على جواز التوكيل مطلقا لكان عاما، لشموله وكيل البيع والشراء، والخصومة وغير ذلك، وغير النهي يكون خاصا فيبني العام على الخاص. وممن رجح التحريم الإمام المهدي في البحر (?) حيث كان فيه إضرار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015