العلوم الشرعية عرف ما لأهلها من الاصطلاحات الدائرة بينهم، وليس ذلك من الحقائق الشرعية التي تحمل عليها خطابات الشرع في ورد ولا صدر.
فالحاصل أنه يجب عند الاختلاف في معنى لفظ من ألفاظ الكتاب والسنة أن يبحث عن كلام أهل اللغة في كتبهم المدونة لهذا الشأن، ويفسر ذلك اللفظ به إذا لم يتقرر بوجه صحيح مقبول أن الشارع قد هجر لغته ولغة العرب الذين قومه في ذلك الفظ بخصوصه، ونقله إلى معنى مشهور معروف عند أهل الشرع، كالصلاة، والصيام، والزكاة، والحج (?)، ونحو ذلك.
إذا عرفت هذا، فاعلم أنه لم يشتهر عند المتشرعين أن للغرر المذكور في أحاديث بيع الغرر معنى شرعيا يخالف المعنى اللغوي، وجميع ما نقله العلامة الشرفي هي معان لغوية لكن منهم من جاء بعبارة عامة بحيث يندرج تحتها جميع أنواع الغرر، وبعضهم اقتصر على بعض من ذلك، فمن الناقلين للمعنى العام القاضي عياض (?) حيث قال: الغرر في اللغة هو ما له ظاهر محبوب، وباطن مكروه. فإن هذا المعنى يشمل كل نوع من أنواع الغرر، وهو مثل ما نقله صاحب النهاية (?) في تفسير الغرر، فإنه قال: هو ما كان له ظاهر يغري المشتري، وباطن مجهول. ونقل عن الأزهري (?) أنه قال: بيع الغرر ما كان على غير عهد ولا ثقة، ويدخل فيه البيوع التي لا تحيط بكنهها المتبايعان من كل مجهول.
انتهى.
وهذا هو المعني الأول في العموم، وهكذا قول القرافي (?) أصل الغرر هو الذي لا