ترجح عليها مثلا لو لم يكن نصب أولئك المنصوبين إلا لزجر أهل بلدهم عن معصية الربا فقط فهذا نوع من أنواع الأمر بالمعروف (?) والنهي عن المنكر المعلوم وجوبها كتابا وسنة، لأن هذه مصلحة خالصة متضمنة لدفع مفسدة قبيحة فإن كان ذلك التواطؤ والنص لذلك مثلا وللإجبار على معاملات الربا فلا شك أن لهذا التواطؤ والنصب جهتين إحداهما حسنة والأخرى قبيحة، فإذا جرد النظر إلى جهة الحسن فهو، وإن جرد النظر إلى جهة القبح فهو قبيح، فإن كان القيام بجهة الحسن لا يمكن إلا مع انضمام جهة القبح إليها فينبغي النظر من جهة أخرى وهي:
هل المعاملات الربوية متروكة فيلزم قبل هذا النصب ومع عدمه أم لا؟ فالأول لا ريب أن النصب قد اشتمل على مفسدة منضمة إلى تلك المصلحة، ودفع المفاسد (?) أهم من تأسيس المصالح فيكون هذا النصب معصية ويتوجه تركه.
والثاني لا شك أن المفسدة لم تحدث لمجرد النصب بل هي كائنة مع عدمه كوجوده فيكون هذا النصب قد طاعة لأن تلك المصلحة خالصة لم تعارض بمفسدة راجحة إذ هي في تحريم لربا تقليل المعاصي وانضمام ذلك المعارض حيث كان حاصلا مطلقا لا يوجب الترك للكل ولا يسوغه.