بذلك يخرجه عن الإسلام، ويلحقه بالكفار الحربيين الذي كفرهم أشد من كفر اليهود والنصارى، فلا بد ههنا من أمرين:

الأول: أن تتيقن أن ذلك الذي دخل فيه سبب من أسباب الكفر.

الثاني: علمه بذلك حتى يكون ممن شرح بالكفر صدرا، ودون الأمرين مهمامه، فيح تتعثر فيها أقدام المحققين، وتخرس عن وصف بلاقعها ألسن المبرزين.

وهكذا من كان متلبسا من العوام بالعقائد الباطلة في حي أو ميت، فلا بد من الأمرين المتقدمين، ودونهما ما وصفنا من صعوبة المدرك، وفظاعة المعترك، ولو قام أهل العلم بما أخذه الله عليهم من البيان، وقام أهل الأمر بما أوجبه الله عليهم في محكم القرآن، وقام سائر المسلمين بما أمرهم الله له من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر لما وجد على ظهر الأرض الإسلامية من يتلبس بسبب من أسباب الكفر، فإن لعوام أقرب الناس إلى قبول الهداية، ومن كان منهم غير قابل لها باللسان فهو يقبلها بالسنان.

وإذا تبين لك صعوبة مسلك الكفر، وحزونة أسبابه , واشتراط العلم الذي لا يكون شرح الصدر بدونه، ولا يتحقق إلا بعد وجوده لاح لك أن أولئك المسئول عن حكم زكاتهم ليسوا إلا من عصاة المسلمين، ولكن معاصيهم مختلفة في كون بعضها أشد من بعض، وكل شيء مما يفعلونه من أسباب الكفر على فرض مباشرتهم لشيء منها ليس من الكفر المتفق عليه، بل من قال إنه سبب يوجب الكفر فهو يشرطه بشروط يبعد كل البعد وجودها في من ينتمي إلى الإسلام، ويدعي أنه من أهله، فإن من خالف قطعيا من قطعيات الشريعة كقطع ميراث بعض من ثبت توريثه بدليل قطعي لا يكفر عند من قال بكفره إلا بعد أن يعلم تلك القطعية، ويصر على مخالفتها، إما استحلالا، أو استخفافا. وأين من يعلم قطعية الدليل من هؤلاء البدوان، فضلا عن ما وراء ذلك. فتلخص من هذا أن المزكي من أهل المعاصي يجب صرف زكاته إلى المصارف الشرعية، ولا يحل لأحد ممن لا تحل له أن يتناول شيئا منها. وهكذا من فعل سببا من أسباب الكفر المختلف فيها لا يحل لأحد أن يحكم بكفره إلا بعد قيام ........................

طور بواسطة نورين ميديا © 2015