والظاهر من لغة العرب، ومن اصطلاح الشرع أن ما صرح الشارع بنفي صحته، أو بنفي جوازه، أو بنفي قبوله، فهو غير معتد به , ولا عتبر، ولا مسقط للطلب، وهكذا ما صرح الشارع بنفيه كقوله مثلا " لا صلاة لمن فعل كذا، أو لا صلاة لمن ترك كذا " إذا لم يرد ما يفيد صرف ذلك النفي إلى الفضيلة والكمال، فإن الظاهر أن هذا النفي يتوجه إلى الذات الشرعية، ولا اعتبار بالذات الموجودة في الخارج، لأنها ذات غير شرعية.
وبهذا يتضح لك عدم صحة قول من قال: إن النفي لا يصح أن يتوجه إلى الذوات، لأنها قد وجدت في الخارج، بل إنما يتوجه إلى الصحة أو إلى الكمال، وهما مجازان، وأقرب المجازين توجهه إلى الصحة، لأنه يلزم من عدمها عدم صحة الذات، وإنما قالوا هكذا لأنهم ظنوا أن الذات إذا قد وجدت في الخارج لم يصح نفيها.
ونحن نقول: ليس هذا النفي متوجها إلى مطلق الذات حتى ينافي وجود الذات في الخارج. بل هو متوجه إلى الذات الشرعية وهي لم توجد في الخارج، وإنما وجد في الخارج ذات غير شرعية.
نعم ومن جملة ما يفيد عدم الصحة الشرعية النهي عن فعل الشيء إذا كان النهي متوجها إلى ذاته، أو إلى جزئه، لا إذا كان متوجها إلى أمر خارج عنه، فإن ذلك لا يفيد عدم صحة تلك الذات ... وإذا عرفت هذا كما ينبغي، عرفت ما يوجب بطلان العبادة من الأدلة، وما لا يوجبها. وقد أوضحت هذا المعنى، وقررته في مؤلفاتي (?) تقريرا