أقول: قد ثبت جواز أخذ ما يعطاه الرجل من بيت المال بلا سؤال منهم. لما ثبت في الصحيحين (?) وغيرهما (?) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعطيني العطاء فأقول:: اعطه من هو أفقر مني إليه، فقال: " خذه، إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك ".
وظاهر هذا أنه يجوز قبول العطاء من بيت المال، وإن كان غنيا؛ لأن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال (?) - ولا سيما بعد قول عمر الراوي للحديث: " اعطه من هو أفقر إليه مني "، ويوضح ذلك ما وقع في رواية شعيب بلفظ: " خذه فتموله " - وقد حكى أبو جعفر محمد بن جرير الطبري الخلاف هل يجب قبوله أم يندب؟ وفي ذلك ثلاثة مذاهب، وذلك بعد أن حكى ابن جرير الإجماع على أن القبول مندوب.