وقد عرفت أن حمل المطلق على المقيد قاعده مقررة في الأصول (?)، مدلول عليها بما تقتضيه لغة العرب من ذلك، على أن هذا الدفع من أصله غير وارد، ولا يصح الاستدلال به على توجه النهي إلى مطلق القراءة، لأن قوله: "أقرأ به في نفسك" (?) ليس فيه إلا إسرار المؤتم لقراءة الفاتحة خلف إمامه (?)، وذلك لا يدل على ما استدلوا به عليه [2ب] من توجه النهي إلى مطلق القراءة، وباينه أن توجه النهي إلى مطلق القراءة كما قال يستلزم أن يكون الاستثناء للفاتحه على الطريقة التي كان النهي عليها كما هو شأن الاستثناء، وذلك يقتضي أن يجوز الجهر بها كما يجوز الإسرار بها. فأنس بن مالك أفتى بأحد الجائزين المفهومين من المستثني منه والمستثني، فإنك إذا قلت: أكرم القوم إلا بني فلان كان هذا التركيب دالا على إكرام كل القوم على أي صفة كانوا، وعلى أي حال من أحوالهم صاروا وعدم إكرام بني فلان على أي صفة كانوا، وعلى أي حال من أحوالهم صاروا، لما تقرر من دلالة العام على ما لا بد منه من الأزمنة والأوصاف والأحوال كما يفيد عموم الأشخاص، فهذا تقرير الدليل الذي استدل به ذلك البعض على ماقالوا، وفيه من القوة ما تراه، وإن كنت لا أوافقهم في ذلك لأمرين: