قال- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: «كل ذلك لم يكن». واستدل به أهل الفقه في المواضع التي قدمنا الإشارة إليها، فإذا كان هذا الحديث بهذه المثابة العظيمة تغترف منه الفرق الإسلامية، وتستدل به، وتعمل عليه، وتبني عليه القواعد، فكيف لا يكون ما هو لبابه، ومفاده، وخلاصته، وعصارته معمولًا به! بل تنصب له التأويلات والتمحلات، ويذاد عن القناطر التي قد رصصت بمجرد الأقوال العاطلة عن حلية الاستدلال.
وعلى الجملة فهذا خلاصة ما يقتضيه الإنصاف المطابق للقواعد المقررة في الفنون العلمية من الأصول وغيرها. وقد أختلف أهل العلم في ذلك اختلافًا كثيرًا لا يتسع المقام لبسطه، ولكنهم جميعًا مأجورون مثابون، فقد صح: «أن من أجتهد فأصاب فله أجران، ومن أجتهد فأخطأ فله أجر» (?). وفي رواية خارجة من مخرج حسن: «أن من أجتهد فأصاب فله عشرة أجور» (?). فرحم الله أهل العلم، فلقد فازوا بالخير كله، واستحقوا الأجر على الخطأ، وهذه مزية لا يشاكهم فيها غيرهم.
وفي هذا المقدار من الجواب كفاية لمن له هداية.
حرره المجيب محمد الشوكاني غفر الله له في صبح يوم الأحد لعله 24 شهر جمادى الأولى سنة 1218 [7ب].