ولا نعول على غير هذين الوجهين، وذلك كقول من قال: إن ذلك لإصلاح الصلاة، وقول من قال: إن إجابة النبي واجبة (?)، فإن النقوض تطرق ذلك طروقًا لا يمكن التقصي عنه بحال.
فإن قلت: إذا كان الجواب عن استشكال السائل للكلام في تلك الحال، فما الجواب عن استشكال من استشكل الأفعال الصادرة منه- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، ومن الصحابة بعد السلام سهوًا، وقبل التكبير للبناء؟.
قلت: الجواب أن هذه شريعة وردت عن معلم الشرائع، ليس لنا أن نستنكر منها ما لا يطابق عقولنا، فإنه قد وقع الإجماع من جميع أهل الإسلام حسبما قدمنا تحقيقة أن حديث ذي اليدين حديث صحيح (?) ثابت عن رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، فما بقي بعد هذا إلا قبول ما جاء عن رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- كما فعل ذلك جمهور الصحابة، والتابعين، وتابعيهم، وسائر أئمة المسلمين، وعلماء الدين، فإنهم عملوا بهذا الحديث، وقبلوه، جعلوه حجة بينهم وبين الله سبحانه [6أ]. وأما ما يروى عن جماعة من أهل العلم من أن هذا الحديث معارض للأحاديث الوارده عنه- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- في تحريم الأفعال في الصلاة (?).
فيجاب عن ذلك بأن ما دل على تحريم الأفعال في الصلاة فلا شك أنه عام عرضة للتخصيص، ولهذا ثنت أن كل عام من أدلة الأحكام مخصص، وأنه لم يوجد في شيء من أدلة المسائل عام لم يخصص أصلًا، فهذا الحديث الوارد عنه- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أعني: حديث ذي اليدين يخصص ذلك العام، فيبني العام على الخاص، ويكون الممنوع هو ما بقي من أفراد العام بعد التخصيص، وهذا هو العمل الأصولي الذي لا