فإن هذا المقام طال فيه النزاع، وحارت فيه الأفهام، وزلت الأقدام، وكل يدعي الصواب بزخرف الجواب، فأبينوا المدعى بالدليل، وبينوا طريق الحق بالتفصيل والتطويل، ضاعف الله لكم الأجور، ووقاكم الشرور، آمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. انتهى.

وأقول: اعلم أن [1أ] الكلام في الآيات والأحاديث الواردة في الصفات قد طالت ذيوله، وتشعبت أطرافه، وتباينت فيه المذاهب، وتفاوتت فيه الطرائق، وتخالفت فيه النحل.

وسبب هذا: عدم وقوف المنتسبين إلى العلم حيث أوقفهم الله، ودخولهم في أبواب لم يأذن الله لهم بدخولها، ومحاولتهم لعلم شيء استأثر الله بعلمه، حتى تفرقوا فرقا، وتشعبوا شعبا، وصاروا أحزابا، وكانوا في البداية، ومحاولة الوصول إلى ما يتصورونه من العامة، مختلفي المقاصد، متبايني المطالب.

فطائفة: وهي أخف هذه الطوائف المكلفة علم ما لم يكلفها الله سبحانه بعلمه إثما، وأقلها عقوبة وجرما- وهي التي أرادت الوصول إلى الحق، والوقوف على الصواب، لكن سلكت في طلبه طريقة متوعرة، وصعدت في الكشف عنه إلى عقبة كئود لا يرجع من سلكها سالما، فضلا أن يظفر فيها بمطلوب صحيح.

ومع هذا، أصلوا أصولا ظنوها حقا، فدفعوا بها آيات قرآنية، وأحاديث صحيحة نبوية، واعتلوا في ذلك الدفع بشبه واهية، وخيالات مختلة.

وهؤلاء هم طائفتان:

الطائفة الأولى: هي الطائفة التي غلت في التنزيه، فوصلت إلى حد يقشعر عنده الجلد، ويضطرب له القلب، من تعطيل (?) الصفات الثابتة بالكتاب والسنة ثبوتا أوضح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015