يخلق خلقا يهمون ما شرعه لهم وتعبدهم به حتى كأن ما شرعه لهم في كتابه وعلى لسان رسوله ليس بشرع مطلق بل شرع مقيد مؤقت إلى غاية هي قيام هذه المذاهب، وبعد ظهورها لا كتاب ولا سنة بل قد حدث من يشرع لهذه الأمة شريعة جديدة ويحدث لها دينا آخر وينسخ بما رآه من رأي وما ظنه من الطن ما تقدمه من الكتاب والسنة وهذا وإن أنكروه بألسنتهم فهو لازم لهم لا محيد لهم عنه ولامهرب، وإلا فأي معنى لقولهم قد انسد باب الاجتهاد ولم يبق إلا مجرد التقليد فإنهم إن أقروا بأنهم قائلون بهذا لزمهم الإقرار بما ذكرناه وعند ذلك نتلو عليهم {اتخذوا أحبارهم ورهبنهم أربابا من دون الله} [التوبة 31] وإن أنكروا القول بذلك وقالوا باب الاجتهاد مفتوح والتمسك بالتقليد غير حتم فقل لهم فما بالكم يانوكي ترمون كل من عمل بالكتاب والسنة وأخذ دينه منهما بكل حجر وقدر وتستحلون [33] عرضه وعقوبته وتجلبون عليه بخيلكم ورجلكم! وقد علموا وعلم كل من يعرف ما هب عليه أنهم مصممون على تغليق باب الاجتهاد وانقطاع السبيل إلى معرفة الكتاب والسنة فلزمهم ما ذكرناه بلا تردد فأنظر أيها المنصف ما حدث بسبب بدعة التقليد من البلايا الدينية والرزايا الشيطانية، فإن هذه المقالة بخصوصها- أعني انسداد باب الاجتهاد- لو لم يحدث من مفاسد التقيد إلا هي لكان فيها كفاية ونهاية فإنها حادثة رفعت الشريعة بأسرها واستلزمت نسخ كلام الله ورسوله وتقديم غيرهما عليهما واستبدال غيرهما بهما:

ياناعي الإسلام قم وانعه ... قد زال عرف وبدا منكر

وما ذكرناه فيما سبق من أنه كان في الزيدية والهادوية بالديار اليمنية إنصاف في هذه المسألة بفتح باب الاجتهاد فذك إنما هو في الأزمنة السابقة كما قيدنا فيما سلف. وأما في هذه الأزمنة فقد أدركنا منهم من هو أشد تعصبا من غيرهم فإنهم إذا سمعوا برجل يدعي الاجتهاد ويأخذ دينه من كتاب الله وسنة رسوله قاموا عليه قياما تبكي فه عيون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015