فإنا لله وإنا إليه راجعون ما صنعت هذه المذاهب بأهلها وإلى أي موضع أخر أخرجتهم، وليت هؤلاء المقلدة الجفاة الأجلاف نظروا بعين العقل إذا حرموا النظر بعين العلم ووازنوا بين رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وبين أئمة مذاهبهم وتصوروا وقوفهم بين يدي رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فهل يخطر [28] ببال من بقيت فيه بقية من عقل هؤلاء المقلدين أن هؤلاء الأئمة المتبوعين عند وقوفهم المفروض بين يدي رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- كانوا يردون عليه قوله أو يخالفونه بأقوالهم! كلا والله بل هم أتقى لله وأخشى له، فقد كان أكابر الصحابة يتركون سؤاله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- في كثير من الحوادث هيبة له وتعظيما، وكان يعجبهم الرجل العاقل من أهل البادية إذا وصل يسأل رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- ليستفيدوا بسؤاله كما ثبت في الصحيح (?) وكانوا يقفون بين يديه كأن على رؤوسهم الطجير يرمون بأبصارهم إلى بين أيديهم ولا يرفعونها (?) إلى رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- احتشاماً وتكريما وكانوا أحقر وأقل عند أنفسهم من أن يعارضوا رسول الله صلى عليه وآله وسلم بآرائهم وكان التابعون يتأديون مع الصحابة بقريب من هذا الأددب، وكذلك تابعو التابعين كانوا يتأدبون مع التابعين بقريب من أدب التابعين مع الصحابة فما ظنك أيها المقلد لو حضر إمامك بين يدي رسول الله- صلى عليه وآله وسلم- فإتك يا مسكين الاهتداء بهدى العلم فلا يفوتنك الاهتداء بهدى العقل، فإنك إذا استضأت بنوره خرجت من ظلمات جهلك إلى نور الحق. وإذا عرفت ما قدمنا لك أيضًا حكاية الإجماع على منعهم من التقليد وحكينا لك ما قاله الإمام أبو