وحكى ابن عبد البر (?) أيضًا عن معين بن عيسى بإسناد متصل به قال سمعت مالكا يقول إنما أنا بشر أخطئ وأصيب فانظروا في رأيي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه. انتهى.
ولا يخفى عليك أن هذا تصريح منه بالمنع من تقليده لأن العمل بما وافق الكتاب والسنة من كلامه هو عل بالمكتاب والسنة وليس بنمسوب إليه، وقد أمر أتباعه بترك ما كان من رأيه غير موافق للكتاب والسنة.
وقال سند بن عنان الملكي في شرحه على مدونة سحنون المعورفة بالأم ما لفظة: أما مجرد الاقتصار على محض التقليد فلا يرضى به رجل رشيد وقال أيضا: نفس المقلد ليست على بصيرة ولا يتصف من العلم بحقيقة، إذ ليس التقليد بطريق إلى العلم بوفاق أهل الآفاق، وإن نوزعنا في ذلك أبدينا برهانه فنقول قال تعالى: {فاحكم بين الناس بالحق} (?) وقال: {بما أرك الله} (?) وقال: {ولا تقف ما ليس لك به علم} (?) وقال: {وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} (?) ومعلوم أن العلم هو معرفة المعلوم على ما هو به، فنقول للمقلد [17] إذا اختلفت الأقوال وتشعبت من أين تعلم صحة قول من قلدته دون غيره أو صحة قولة له أخرى، ولا يبدى كلاما في ذلك إلانعكس عليه في نقيضه. سيما إذا عرض له قولة لإمام مذهبه الذي قلده