وهو حديث معروف مشهور ثابت في السنن وغيرها.
(والجواب): أن ما سنه الخلفاء الراشدون من بعده فالأخذ به ليس إلا لأمره- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بالأخذ به فالعمل بما سنوه والاقتداء بما فعلوه هو لأمره- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- لنا بالعمل بسنة الخلفاء الراشدين والاقتداء بأبي بكر وعمر ولم بأمرنا بالاستنان بسنة عالم من علماء الأمة ولا أرشدنا إلى الاقتداء بما يراه مجتهد من المجتهدين.
فالحاصل أنا لم نأخذ بسنة الخلفاء ولا اقتدينا بأبي بكر وعمر إلا امتقالا لقوله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-:» عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي» (?) وبقوله «اقتدوا بالذين من بعد أبي بكر وعمر» (?) فكيف ساغ لكم أن تستدلوا بهذا الذي ورد فيه النص على ما لم يرد فيه! فهل تزعمون أن رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قال عليكم بسنة أبي حنيفة ومالك والشافعي وابن حنبل [7] حتى يتم لكم ما تريدون.
فإذا قلتم نحن نقيس أئمة المذاهب (?) على هؤلاء الخلفاء الراشدين فيا عجبا لكم كيف ترتقون إلى هذا المرتقى الصعب وتقدمون هذا الإقدام في مقام الإحجام فإن رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- إنما خص الخلفاء الراشدين وججعل سنتهم كسنته في اتباعها لأمر يختث بهم ويتعداهم إلى غيرهم ولو كان الإلحاق بالخفاء الراشدين سائغا لكان إلحاق المشاركين لهم في الصحبة والعلم مقدما على من لم يشاركهم في مزية من المزايا، بل المسبة بينه وبينهم كالنسبة بين الثرى والثريا، فلولا أن هذه المزية خاصة بهم مقصورة عليهم لم يخصهم بها رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- دون سائر الصحابة فدعونا من هذه التمحلات التي يأباها الإنصاف.