فما بال قطع النخل أو تحريقها؟ فكان في أنفس المؤمنين من ذلك شيء، فنزلت يعني أن الله أذن لهم في قطعها ليزيدكم غيظا، ويضاعف لكم حسرة إذا رأيتموهم يتحكمون في أموالكم كيف أحبوا، ويتصرفون فيها كيف شاؤا، وقد صدر هذا ثم ذكر بعد ذلك ما لفظه (?): وروي أن رجلين كانا يقطعان أحدهما العجوة، والآخر اللون، فسألهما رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فقال هذا: تركتها لرسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وقال هذا: قطعتها غيظا للكفار، وقد استدل به على جواز الاجتهاد، وعلى جوازه بحضرة الرسول- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- لأنهما بالاجتهاد فعلا ذلك. واحتج به (?) م يقول: كل مجتهد مصيب انتهى.

وقد طولنا الكلام في السبب لتعلم أن الأحاديث الصحيحة قاضية بأن السبب غير المدعى، وأن الآية خارجة عن محل النزاع، وعندي أنها خارجة عن ذلك على كل وجه، لن الآية كشفت عن أصل الأمر المشكوك فيه وهو الإباحة، فليست على هذا دليلا على محل النزاع، بل هي بمثابة قولك لرجلين قال: أحدهما نمت، وقال الآخر استيقظت، فقلت: لا حرج على كل واحد منكما رجوعا منك إلى استواء فعل النوم وتركه، وأيضا إباحة أموال الكفار الخارجين عن الطاعة معلومة لكل واحد من المختلفين ولغيرهم من الصاحبة قبل هذه الواقعة، فالقطع ليس بالاجتهاد، ويشهد لصحة هذا قوله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015