وأما الكلام على البحث الثالث؛ وهو بيان العلة التي لأجلها ورد النهي فقال العلماء: إنما نهى (?) النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عن اتخاذ قبره وقبر غيره مسجدًا خوفًا من المبالغة في تعظيمه، والافتتان به، وربما أدى ذلك إلى الكفر كما جرى لكثير من الأمم الخالية، ولما احتاجت الصحابة - رضي الله عنهم - والتابعون إلى الزيادة في مسجد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - حين كثر المسلمون، وامتدت الزيادة إلى أن دخلت بيوت أمهات المؤمنين وفيها حجرة عائشة التي دفن فيها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وأبو بكر، وعمر بنوا على القبر حيطانًا مرتفعة مسندين حوله لئلا يظهر في المسجد، فيصلي إليه العوام، ويؤدي إلى المحذور، ثم بنوا جدارين من ركني القبر (?) الشماليين حرفوهما حتى التقيا، بحيث لا يتمكن أحد من استقبال (?) القبر.

وقد حمل بعضهم الوعيد على من كان في ذلك الزمان لقرب العهد بعبادة الأوثان، وهو تقييد بلا دليل، لأن التعظيم والافتتان لا يختصان بزمان دون زمان، أو مكان دون مكان، فعليه البرهان. وقد قيل إنه يؤخذ من قوله: كانوا يتخذون [3] قبور أنبيائهم مساجد كما في بعض أحاديث الباب، ومن قوله: والمتخذين عليها المساجد كما في بعض آخر أن محل الذم على ذلك أن تتخذ المساجد على القبور بعد الدفن لا لو بني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015