على دعواه كالصيرفي، إلى غير ذلك مما يفيد أن العلل أمر لا يدركه إلا الأفراد. انتهى أقول: قد تقررنا فيما سبق أن الحديث المشتمل على الأمور الخمسة هو الصحيح المجمع عليه، لا أنه يعتبر ذلك في كل صحيح، وأيدنا ذلك بنقل كلام الخطابي، [8] وابن دقيق العيد، وبنقل كلام الحافظ ابن حجر. إن الصحيح ينقسم إلى قسمين: صحيح لذاته، وصحيح لغيره. وبنقل كلامه أيضًا أن الصحيح أنواع: بعضها أعلى من بعض، وبما ذكرناه من أن الصحيح مراتب: أعلاها ما في الصحيحين، ثم ما في أحدهما ثم ما هو على شرطهما، ثم شرط أحدهما، وبينا أنه لا شرط لهما إلا مجرد كون الرجال ثقات، والسند متصل، ولمجموع هذا يعرف أنها لم تتفق كلمة أهل الحديث على اشتراط الأمور الخمسة التي ذكرها السائل -أدام الله فوائده- حتى يرد الأشكال على تصحيح من صحح بمجرد كون الرجال ثقات والسند متصل، بل ذلك هو مذهب جماعة منهم، بل مذهب القدماء منهم، بل لم يعتبر في الرتب التي للصحيح إلا ذلك لما قدمنا أنها سبع، وأن ستًا منها دائرة على شرط الشيخين ورجالهما، وليس بيد من جزم بصحة ما في الصحيحين أو أحدهما، أو ما هو على شرطهما أو أحدهما إلا مجرد اتصال السند، وكون الرجال ثقات كما سبق تقريره غير مرة. بل قد أسلفنا عن أئمة الحديث أن في رجال الصحيحين من لم يسلم من غوائل الجرح، وأن البخاري يخرج حديث الطبقة العالية (?).

وقد يخرج حديث الطبقة التي تليها. ومسلم يخرج حديث الطبقة الثانية، وقد يخرج حديث الطبقة الثالثة، مع أن في هؤلاء جماعة ضعفاء مشهورين، بل جزم جماعة من الحفاظ بأن معلقات البخاري (?) إذا أوردها بصيغة الجزم كقوله: قال فلان. أو روى فلان من جملة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015