وورد في ذمه من كلام الحكماء، ومواعظ الفصحاء ما يتعظ به كل ذي عقل، ويزجر به كل من له فهم لما ينشأ عن هذه الخصلة السيئة القبيحة من مفاسد الدين والدنيا. والحاصل أن قبحه مما اتفقت عليه الشرائع، وتطابقت على ذمة كتب الله المنزلة على أنبيائه، واتحدت كلمة رسل الله- سبحانه- على قبحه وقبح فاعله. واعلم أن لكل مقام مقالا، فينبغي للإنسان عند ملاقاة من له اشتغال بعمل من الأعمال أن يأخذ في توصيته، مما ينتفع به فيما هو بصدده لمن كان مشتغلا مثلا بالعلم، أن يوصيه بحسن النية أولا، ثم بالاشتغال. مما يعود نفعه عليه من الكتاب والسنة، وما يتوصل به إليهما، ويعن على فهمهما، وكيفية العمل هما ثانيا، ثم الإنصاف وعدم التعصب لمذهب من المذاهب ثالثا، ثم الإرشاد إلى الرد إلى كتاب الله- سبحانه- وسنة رسوله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- عند الاختلاف رابعا. ثم هكذا يأخذ مع أهل كل صناعة بتوصيتهم. مما ينتفعون به في صناعتهم، ويحفظون به دينهم في مباشراتهم. فلا نطيل الكلام في تعداد أهل الحرف، وأنواع أهل الأعمال، [11ب] فإنه لا يخفى على الذكي الممارس للباس العارف بقواعد الشرع ما يتعلق به النفع أو الضر لكل طائفة من هذه الطوائف، فيأخذ مع كل طائفة فيما يهمها ويخشى منه ضررها، ويرجو فيه نفعها.
وبالجملة فهذه الآية كما تدل على ما ذكرنا فقد دل على ذلك الآيات والأحاديث الواردة في الأمر بالمعروف (?) والنهي عن المنكر، ودل على ذلك أيضًا قوله تعالى: