إذا عرفت هذا، فاعلم أنه قد اختلف أهل العلم في كيفية التوبة التي يرتفع عنه بها الفسق عند الجميع، وتقبل بها شهادته عند الجمهور لا عند غيرهم كما سبق.
وهذا هو محل السؤال، ومكان الإشكال. فذهب جماعه إلى أن توبته، لا تكون إلا بإكذابه لنفسه تصريحا، ولا يكون تائبا. بمجرد الندم على ما فرط منه، والعزائم على عدم المعاودة لما اقترفه ومن القائلين هذا عمر ابن الخطاب.
فأخرج ابن مردويه (?) عنه، أنه قال في تفسيره الآية: " توبتهم إكذابهم أنفسهم، فإن أكذبوا أنفسهم، قبلت شهادتهم ".
وأخرج عبد بن حميد (?) عنه، أنه قال لأبي بكرة في قصة المغيرة المشهورة: "إن تكذب نفسك نجز شهادتك فأبى أن يكذب نفسه، ولم يكن عمر يجيز شهادته ".
والقصة مشهورة مروية في السير (?)، وفي كتب الحديث (?)، ووافقه على ذلك عطاء. فأخرج عبد الرزاق (?)، وعبد بن حميد (?) عنه أنه قال: " إذا تاب القاذف وأكذب نفسه قبلت شهادته ". وبه قال الزهري، وطاووس، ومسروق، والشجي، روى عنهم عبد بن حميد (?) أنهم قالوا: توبته أن يكذب نفسه.