أقى عيالى بنفسى، قال أبو خالد: قال لى: موعدك غدا باب الأمير سليمان بن على، فبكرت فإذا به قد أقبل وعليه سراويل وشى، قد أسدلها على قدميه، وطيلسان مطبق، فقلت فى نفسى إنا لله! ما تصنع الحداثة بأهلها. فلما دنا قلت: إن هذا اللباس ليس من لباس هذا اليوم، قال: صدقت والله ولكن ليس عندى إلا ما هو أشهر منه، فلففت سراويله حتى بلغت بها ركبتيه، وأخذت طيلسانه إلىّ وأعطيته طيلسانى، ثم قلت:
ادخل الآن، فدخل، فلبث شيئا ثم خرج إلىّ ضاحكا، فقلت: ما كان بينك وبين الأمير؟ قال: مثلت بين يديه ولم يكن رآنى قبلها فقلت: أصلح الله الأمير! ساقنى البلاء إليك، ودلّنى فضلك عليك، فإما قبلتنى غانما، وإما رددتنى سالما. فقال: من أنت أعرفك؟ فانتسبت له، فقال لى: اقعد يابن أخى فتكلم غانما سالما.
فجلست فقلت: أيها الأمير إن هؤلاء الحرم اللواتى هنّ حرمكم بعدنا وأنتم فيهنّ شركاؤنا، وقد خفن لخوفنا، ومن خاف خيف عليه. فقال: ما أجابنى إلا بعبرته.
فقال: بل يحقن الله دمك، ويصون حرمك، ويجمع لك مالك، ولو أمكننى مثل ذلك فى جميع أهلك لفعلت، فكن مستترا كظاهر، واكتب إلىّ فى حاجاتك.
فقال: كان والله يكتب إلىّ كما يكتب الرجل إلى أبيه أو عمه. قال: فلما قضى حديثه رددت إليه طيلسانه، فقال: مه! فإن ثيابنا إذا فارقتنا لا ترجع إلينا.
ويروى أنّ مروان الجعدىّ كتب إلى عبد الله بن علىّ: إنى أظنّ هذا الأمر صائر إليكم، فإن كان ذلك فاعلم أن حرمنا حرمكم والسلام. فكتب إليه عبد الله: إن الحق لنا فى دمك، والحق علينا فى حرمك.
وحدّثنى على بن القاسم الهاشمى قال بينما «1» الخيزران قاعدة ذات يوم قيل لها إن ببابك امرأة حسناء، وعليها ثياب بذّة تطلب الإذن عليك، وقد سئلت عن اسمها