قعد به الضعف، وإن أفرط فى الشّبع كظّته البطنة. فكلّ تقصير به مضرّ، وكل إفراط له مفسد.
وأفضل ما قصد له من العلوم كتاب الله- جلّ ذكره- والمعرفة بما حلّ فيه من حلاله وحرامه وأحكامه، وإعراب لفظه وتفسير غريبه. ويروى أن المأمون أمر معلّم الواثق بالله- وقد سأله عمّا يعلّمه إياه-[أن يعلّمه «1» ] كتاب «2» الله جلّ اسمه، وأن يقرئه عهد أردشير، ويحفّظه كتاب كليلة ودمنة.
وأفضل العلوم بعد علم اللّغة وإعراب الكلام، فإن بذلك يقرأ القرآن، وعليه تروى الأخبار والأشعار، وبه يزيّن المرء كتابه، ويحلّى لفظه، قال الله عزّ وجلّ:
بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ
. وقال الشاعر «3» :
النحو يطلق من لسان الألكن ... والمرء تعظمه إذا لم يلحن
فإذا طلبت من العلوم أجلّها ... فأجلّها منها مقيم الألسن
وقال صلّى الله عليه وسلّم: أعربوا فى كلامكم تعربوا فى كتاب الله.
وقال «4» عمر بن الخطاب رحمة الله عليه: تعلّموا العربية تحرزوا المروءة.
ولحن رجل بين يدى سليمان بن عبد الملك بعد أن فاوضه فوجده عاقلا، فقال سليمان: زيادة عقل على منطق هجنة،. وزيادة منطق على عقل خدعة.
وأحسن الأشياء ما شاكل بعضه بعضا.
وكان الصدر الأوّل من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه يعربون طبعا، حتى خالطهم العجم ففسدت ألسنتهم، وتغيّرت لغاتهم.