رسول الله صلّى الله عليه أن نفعل بعلمائنا، فقال له زيد: ادن منّى، فدنا منه، فقبّل يده ثم قال: كذا أمرنا رسول الله صلّى الله عليه أن نفعل بأهل بيته.
وإنما سلك زيد فى ذلك ما يروى أن رسول الله صلى الله عليه قال: «لا يحلّ لأحد أن يقبّل يد أحد إلّا يد عالم أو يد رجل من أهل بيتى» . ويروى أنّه قال:
إذا كان يوم القيامة قيل للعابد قم فادخل الجنّة، ويقال للعالم: قم فاشفع» .
وقال عليه السّلام: فضل العلم خير من فضل العمل.
وقال الله جل ثناؤه: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ
. فجعل- عزّ اسمه- العالمين بحدوده هم الخائفين من عقابه، وأولياءه وأهل طاعته.
ثم أفضل العلم ما عمل به، وانتفع بثمرته، فإنه يقال: إن أبعدهم من الله عالم لا ينتفع بعلمه. وقال بعض الحكماء: فلان أحوج إلى كذا من علم إلى عمل، ومن قول إلى فعل، ومن قدرة إلى عفو، وعلى ذلك قول الشاعر:
لا خير فى القول إلّا الفعل يتبعه ... والفعل للقول ما أتبعته أدم «1»
وقال سلمان: إنّك لن تكون عالما حتى تكون به متعلّما، ولن تكون بالعلم عالما حتى تكون به عاملا.
ولكنّ الله- جل ذكره- لم يؤت عباده من العلم إلا قليلا، فمن لم يكن نصيبه فى ذلك القليل كالمحتوى على أكثره، ولم يكن أغلب الخصال عليه عقله، وأشرف ما يعتقده عليه تقواه لم يعدّ فاضلا. وقال أمير المؤمنين عليه السّلام:
قيمة كل امرىء ما يحسن.