ومن الدعاء: اللهمّ إنى أعوذ بك من الكمد، ومن الانطواء على الحسد، ومن صاحب لا يقيل عثرة، ولا يقبل معذرة، ومن صديق يمدح فى المحيّا ويغمز فى القفا، ومن جار مؤذ، وولد عاقّ، وأمة خائنة، وعبد آبق، وعاقر غيرى. وكان يقال:
لا يوجد العجول محمودا، ولا الغضوب مسرورا، ولا الحرّ حريصا، ولا الكريم حسودا، ولا الشّره غنيّا، ولا الملول ذا إخوان.
أنشدنى بعض أصحابنا:
«1» إذا أنت لم تحفظ لنفسك سرّها ... فسرّك عند الناس أفشى وأضيع
وقال آخر:
ليس سرّى يجاوز الدهر قلبى ... كل سرّ يجاوز القلب فاش
وحدّثنى الرياشىّ قال: يروى أن «2» عثمان بن عنبسة بن أبى سفيان أسرّ إليه معاوية سرّا، فأتى أباه عنبسة فقال: إن معاوية أسرّ إلىّ سرّا، فأحدّثك به؟ قال: لا، قال: ولم؟ قال: لأنّ الرجل إذا كتم سرّه كان الأمر إليه، وإذا أذاعه فالأمر عليه، ولا تجعلنّ نفسك مملوكا بعد أن كنت حرّا، قال: أفيدخل هذا بين الأب وابنه؟ قال: لا يا بنىّ، ولكن أكره أن تذلّل لسانك بإفشاء السرّ، قال فأتى معاوية فذكر ذلك له، فقال: أعتقك أخى من رقّ الخطأ، وأنشد:
دسّت إلىّ رسولا لا تكن عجلا ... واحذر هديت وأمر الحازم الحذر
إنى رأيت رجالا من ذوى رحم ... هم العدوّ بظهر الغيب قد نذروا
إن يقتلوك كفاك القتل قادره ... والله جارك ممّا يزمع النّفر
فالسرّ يكتمه الخلّان بينهما ... وكلّ سرّ عدا الخلّين منتشر