الجمعة، لوجود السمعي على الأكثر ولا يشترط عدم ورود السمعي فيه على ما أشعر به كلام بعضهم. إذ لا امتناع في توارد دليلين على مدلول واحد، ولأن هذا الاحتمال قائم في كل اجتماع، مع أنه لا يقدح حجيته.
فإن قلت: لما اشتغلت الذمة بشيء لم تحصل البراءة الأصلية يقينا، إلا: بالأكثر، فيجب، ليحصل الخروج عن العهدة يقينا.
وأجيب:
بأن احتمال شغل الذمة بالأكثر عند عدم السمعي: ممنوع، وإلا: لزم تلكيف ما لا يطاق، و - حينئذ - يخرج عن العهدة بالأقل. ولأنا لما تعبدنا بالبراءة الأصلية عنده - عرفنا البراءة عن الزائد عنده.
قيل: يجب الأخذ بأخف القولين.
للنافي:
(أ) للعسر والحرج والضرر، وبقوله: "بعثت بالحنيفية السهلة السمحة".
وأورد:
بأن نفي الحرج عما شرع لا يقتضي نفي المشروعية عما فيه الحرج، لعدم لزوم العكس كليا.
وفيه نظر. ولأن الله تعالى غني كريم، والعبد بخلافه فالتحامل عليه أولى. ومنع ذلك إذا كان في التحامل عليه مصلحة له، يؤكده: أن الشرعيات كلها لمصلحة العباد، وإلا: فالله تعالى غني عنها. وهو يرجع إلى: أن الأصل في المنافع الإذن، وفي المضار المنع.
(ب) الأخذ بالأخف أخذ بالأقل، وقد ثبت وجوبه.
ورد:
بمنعه، إذ ليس من شرط الأخف أن يكون جزءا من الأثقل وإنما يجب الأخذ بالأقل إذا