بما نسخ منه. وهو يقتضي أن تكون الشريعة كلها استحسانا، فلو زيد في الحد: (غير البراءة الأصلية) - سقط.
وأجيب عنه:
بأن قوله: ترك وجه من وجوه الاجتهاد، ينبئ عنه، فإن البراءة الأصلية ليست من وجوه الاجتهاد، لكن يحترز في الحد عن إرادة مثل هذه الأدلةز
والنزاع في التسمية غير لائق بذي التحقيق، ولو سلم فلا ينبغي فيه، إذ ورد في الكتاب: قال الله تعالى: {ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله} [فصلت: آية 33]، وقوله تعالى: {الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} [الزمر: آية 18]، و {واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم} [الزمر: آية 55]، {وأمر قومك يأخذوا بأحسنها} [الأعراف: آية 145].
وفي السنة: كقوله - عليه السلام - "ما رآه المسلمون" الحديث. وفي الفاظ المجتهدين: كقول الشافعي - رضي الله عنه - في المتعة: (أستحسن أن يكون ثلاثون درهما)، وفي الشفعة: (أستحسن أن تثبت إلى ثلاث أيام)، وفي الكتابة: (أستحسن أن يترك على المكاتب شيء).
ونقل عن الأئمة استحسان دخول الحمام من غير تقير الماء، واللبث، والثمن والأجرة، واستحسنوا شرب الماء من السقاء من غير تقديره، وتقدير ثمنه. وحمل الإمام النزاع فيه على تخصيص العلة - بعيد، إذ هو مشهور بالخلاف من كثيرين، بخلاف الاستحسان، فإنه مختص بخلاف الحنفية، ولأن تخصيص القياس بالاستحسان يستدعي معرفته، فتعريفه به دور.
وقيل: النزاع في إطلاقهم الاستحسان على العدول عن حكم الدليل إلى العادة. وهو ضعيف لما سبق. فلم يتلخص استحسان مختلف فيه. ولنذكر ما ذكر فيه جريا على العادة.
المثبت:
(أ) قوله تعالى: {الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} [الزمر: آية 18]، والاستحسان