الشَّقَاوةُ مِنَ الطَّاعةِ، وَالأَعمَالُ بِالخوَاتِيمِ ومبنَاهَا علَى السَّابقةِ؛ فَالشّريعةُ خطَابُهُ عبَادَهُ بِتكَاليفِهِ، وَاْلحقيقةُ/ (264/أَ/م) تَصَرُّفُهُ فِي خَلْقِهِ كَيْفَ يشَاءُ، وَقَدْ اجْتَمَعَ الأَمرَانِ فِي قَوْلِهِ تعَالَى: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ ومَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ العَالَمِينَ} فَالحَقِيقَةُ بَاطِنُ الشّريعةِ، ولاَ يُغْنِي بَاطِنٌ عَنْ ظَاهرٍ، ولاَ ظَاهِرٌ عَن بَاطِنٌ.
ص: ورَجَّحَ قَوْمٌ التَّوَكُّلَ وآخَرُونَ الاكتسَابَ وثَالِثٌ الاختلاَفَ، ومِنْ ثَمَّ قِيلَ: إِرَادةُ التّجريدِ مَعَ دَاعِيَةِ الأَسبَابِ شَهْوَةٌ خَفِيَّةٌ، وسُلُوكُ الأَسبَابِ مَعَ دَاعِيَةِ التّجريدِ انْحِطَاطٌ عَنِ الذِّرْوَةِ الْعَلِيَّةِ، وَقَدْ يَأْتِي الشَّيْطَانُ بِاطِّرَاحِ جَانِبِ اللَّهِ تعَالَى فِي صُورَةِ الأَسبَابِ أَو بِالْكَسَلِ وَالتَّمَاهُنِ فِي صُورَةِ التَّوَكُّلِ، وَالْمُوَفَّقُ يَبْحَثُ عَنْ هَذَيْنِ، ويَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يَكُونُ إِلَّا مَا يُرِيدُ ولاَ يَنْفَعُنَا عِلْمُنَا بِذَلِكَ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ اللَّهُ سبحَانَهُ وتعَالَى.
ش: اخْتُلِفَ فِي التَّوَكُّلِ وَالاكتسَابِ أَيِّهِمَا أَرْجَحُ علَى أَقوَالٍ:
أَحَدِهَا: التَّوَكُّلُ؛ لأَنَّهُ حَالُهُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، وحَالُ أَهْلِ الصِّفَةِ، وفِي الحديثِ الصّحيحِ فِي صِفَةِ الَّذِينَ يَدْخَلُونَ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابِ: ((وعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)) ولأَنَّهُ يَنْشَأُ عَنْ مُجَاهدَاتٍ، وَالأَجْرُ عَلَى قَدْرِ النَّصَبِ.
ثَانِيهَا: الاكْتِسَابُ؛ لِقولِهِ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ أَطْيَبُ مِمَّا كَسَبَتْ يَدَاهُ)) رَوَاهُ البُخَارِيُّ، وفِيهِ أَيضًا مَرْفُوعًا: ((إِنَّ دَاودَ ـ