الخَامسةُ: العَزْمُ، وهو قُوَّةُ القَصْدِ وَالجَزْمُ بِهِ، فقَالَ بعضُهُمْ: هو كَالأَقسَامِ المُتَقَدِّمَةِ، وَالمَحْكِيُّ عَنِ المُحَقِّقِينَ المؤَاخذةُ بِهِ، لقولِه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ ((إِذَا التَّقَى المُسْلِمَانِ بِسَيفَيْهِمَا فَالقَاتِلُ وَالمَقْتُولُ فِي النَّارِ)) قِيلَ: يَا رسولَ اللَّهِ! هذَا القَاتلُ فمَا بِالُ المَقْتُولِ؟ قَالَ: ((إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا علَى قَتْلِ أَخِيهِ)).
ص: وإِنْ لَمْ تُطِعْكَ الأَمَارةُ فجَاهِدْهَا فإِنْ فَعَلْتَ فَتُبْ.
ش: إِذَا هَمَّ الإِنسَانُ بِمَعْصِيَةٍ فَلْيُعَالِجْ نَفْسَهُ حتَّى لاَ يقَعَ فِيهَا، فإِنْ لَمْ تُطِعْهُ نَفْسُهُ الأَمَّارَةُ له بِالسوءِ علَى ذَلِكَ فَلْيُجَاهِدْهَا بِقَدْرِ الإِمكَانِ، فإِنَّهَا حِينَئِذٍ أَكبرُ أَعدَائِهِ، لِقَصْدِهَا بِهِ الهلاَكَ الأَبديَّ، وفِي الحديثِ: ((أَعْدَى عَدُوٌّ لَكَ نَفْسُكَ التي بَيْنَ جَنْبَيْكَ)).
وقَالَ بعضُهُمْ: معَالجةُ المعصيةِ إِذَا خَطَرَتْ حتَّى لاَ تقَعَ أَهونُ من معَالجةِ التوبةِ حتَّى تُقْبَلَ؛ لأَنَّ ذَلِكَ يَكُفُّ النَّفْسَ.
وَالتوبةُ بِالندمِ وَالأَسفِ وَالبكَاءِ، ثُمَّ لاَ يَدْرِي أَقُبِلَتْ تَوْبَتُهُ أَمْ لاَ، وَالمُوَاقِعُ للمعصيةِ إِنْ كَانَ لاَهيًا/ (207/أَ/د) عَنِ النَّهْيِ وَالوعيدِ فهو مِنَ الذِّينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ، وإِنِ اسْتَحْضَرَ النَّهْيَ وَالوَعِيدَ وأَقْدَمَ عَلَيْهَا تَجَرُّؤًا فهو هَالِكٌ، أَو تَسْوِيفًا فَمَغْرُورٌ؛ لِتَرْكِهِ مَا وجَبَ عَلَيْهِ، وتعلُّقِهِ بمَا قَد لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ وهو التّوبةُ.
وإِنَّمَا خصَّ المُصَنِّفُ هذَا بِالأَمَّارَةِ؛ لأَنَّ النَّفُوسَ ثَلَاثَةٌ هذه شرُّهَا، وَالثَانِيَةُ: اللَّوَّامَةُ التي يقَعُ مِنْهَا الشرُّ، لكنَّها تُسَاءُ بِهِ وتَلُومُ عَلَيْهِ وَتُسَرُّ بِالحَسَنَةِ كمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ)).
الثَالثةُ: المُطْمَئِنَّةُ، وهي التي اطْمَأَنَّتْ إِلَى الطَّاعةِ، ولم تُوَاقِعْ مَعْصِيَةً، فإِنْ