وعَارَضَهُمْ مَنْ قَالَ: الاسمَ هو المُسَمَّى، ولم يقصدُوا بِهِ أَنَّ نَفْسَ اللّفْظِ هو حقيقةُ الذَّاتِ؛ فَإِنَّ فسَادَ ذَلِكَ معلومٌ بِالبديهةِ، وإِنَّمَا قَصَدُوا بِهِ دَفْعَ تَمْوِيهِهِمْ، وأَنَّ الاسمَ حَيْثُ ذُكِرَ بِوَصْفٍ َأَو خَبَرٍ عَنْهُ، فإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ نَفْسُ الْمُسَمَّى، ولَوْلاَ هو لَمْ يُذْكَرْ أَصْلاً، وَاستشهدُوا (249/ب/م) بِقَوْلِهِ تعَالَى: {سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} وإِنَّمَا سَبَّحَ الرَّبُّ سبحَانَهُ وتعَالَى، وَقَوْلُهُ: {نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ اسْمُهُ يَحْيَى} ثُمَّ قَالَ: {يَا يَحْيَى} فنَادَى الاسمَ، وإِنَّمَا المَقْصُودُ المُسَمَّى، انْتَهَى.
وقَالَ الشَّيْخُ الإِمَامُ بَهَاءُ الدِّينِ أَبُو حَامِدٍ بْنُ السُّبْكِيِّ ـ أَخُو المُصَنِّفِ ـ فِي مَا كتَبَهُ الإِمَامُ علَى (مُخْتَصَرِ ابْنِ الحَاجِبِ): وَجْهُ التَّحقيقِ فِيهَا علَى مَا تَلَقَّيْنَاهُ مِنْ أَفوَاهِ مشَايِخِنَا ـ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمْ ـ أَنْ يُقَالَ: إِذَا سَمَّيْتَ شيئًا بِاسْم؛ ِ فَالنَّظَرُ فِي ثلاَثةِ أَشيَاءٍ: ذَلِكَ الاسمُ وهو اللَّفْظُ، ومعنَاهُ قَبْلَ التَّسْمِيَةِ، ومعنَاهُ بعدَ التَّسْمِيَةِ وهو الذَّاتُ التي أُطْلِقَ اللّفْظُ عَلَيْهَا، وَالذَّاتُ وَاللَّفْظُ متغَايرَانِ قَطْعًا، وَالنُّحَاةُ إِنَّمَا يُطْلِقُونَ الاسمَ علَى اللَّفْظِ؛ لأَنَّهم إِنَّمَا يَتَكَلَّمُونَ فِي الأَلفَاظِ، وهو غَيْرُ الْمُسَمَّى قَطْعًا عِنْدَ الْفَرِيقَيْنِ، وَالذَّاتُ هي الْمُسَمَّى عِنْدَ الفريقَيْنِ، وَلَيْسَ هو الاسمُ قَطْعًا، وَالخِلاَفُ فِي الأَمْرِ الثَّالِثِ: وهو معنَى اللّفْظِ قَبْلَ التَّلْقِيبِ، فَعَلَى قوَاعدِ المُتَكَلِّمِينَ يُطْلِقُونَ الاسمَ عَلَيْهِ، ويَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّهُ الثَّالِثُ أَمْ لاَ؟ فَالخِلاَفُ عِنْدَهُمْ حِينَئِذٍ فِي الاسمِ المَعْنَوِيِّ هَلْ هو المسمَّى أَمْ لاَ؟ لاَ فِي الاسمِ اللّفظِيِّ، وأَمَّا النُّحَاةُ فَلاَ يُطْلِقُونَ الاسمَ علَى غَيْرِ اللّفظِ؛ لأَنَّ صِنَاعَتَهُمْ إِنَّمَا تَنْظُرُ فِي الأَلفَاظِ وَالمتكلِّمُ لاَ يُنَازِعُ فِي ذَلِكَ، ولاَ يَمْنُعُ هذَا الإِطلاَقَ؛ لأَنَّهُ إِطلاَقُ الاسْمِ المدلولِ علَى الدَّالِ، ويزيدُ شيئًا آخَرَ وعَاهُ عِلْمُ الكلاَمِ إِلَى تحقيقِهِ فِي مسأَلةِ