وَرَوَى ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي كتَابِ (السِّيَاسَةِ وَالإِمَامَةِ) أَنَّ الْحَسَنَ البَصْرِيِّ سُئِلَ هَلْ اسْتَخْلَفَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ـ أَبَا بَكْرٍ؟ فقَالَ: إِيْ، وَالذي لاَ إِلهَ إِلاَّ هو اسْتَخْلَفَهُ، وهو كَانَ أَعْلَمُ بَاللَّهِ، وأَتْقَى لَهُ مِنْ أَنْ يَتَوَثَّبَ عَلَيْهَا لَوْ لَمْ يأَمُرْهُ.
وَاختَارَ ذَلِكَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَابْنُ حَزْمٍ.
وأَمَّا كَوْنُ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ يَلِيَهُ فِي الفضِيلةِ؛ فأَجْمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَغَيْرِهِمْ.
وفِي صحيحِ الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ فِي سؤَالِهِ لأَبِيهِ عَنْ خيرِ النَّاسِ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ قَالَ: عُمُرُ.
وفِي صحيحِ الْبُخَارِيِّ أَيضًا عَن ابْنِ عُمَرَ: كُنَّا نُخَيِّرُ بَيْنَ النَّاسِ فِي زَمَانِ رسولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ـ فَنُخَيِّرُ أَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ثُمَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ/ (247/أَ/م).
وهو فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ عِنْدَ الأَكثرِينَ.
وفِي مُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ: فَيَسْمَعُ ذَلِكَ رسولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ـ فَلاَ يُنْكِرَهُ علينَا.
وهو صَرِيحٌ فِي الرَّفْعِ، وَالخِلاَفُ بَيْنَ عُثْمَانَ وعَلِيٍّ مشهورٌ، وَالأَكثرونَ علَى تفضِيلِ عُثْمَانَ، وحُكِيَ عَنْ أَهْلِ الْكُوفَةَ تفضِيلُ عَلِيٍّ.
وفِي المَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالثٌ بِالْوَقْفِ فِي ذَلِكَ، وهو مَحْكِيٌّ عَنْ مَالكٍ، وقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِِّ: أَجْمَعَ أَهْلُ السُّنَّةِ علَى أَنَّ أَفضلَ النَّاسِ بَعْدَ النُّبُوَّةِ أَبُو/ (199/أَ/د) بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ووَقَفَ أَوَائِلُهم فِي عُثْمَانَ وعَلِيٍّ, قَالَ: فَأَمَّا اليومَ فَلاَ تَخْتَلِفُونَ أَنَّ التَّرْتِيبَ عُثْمَانُ ثُمَّ عَلِيٌّ، قَالَ: وعليه عَامَّةُ أَهْلِ الحديثِ مِنْ زَمَنِ أَحَمْدَ بْنِ حَنْبَلَ، وهَلُمَّ جَرَّا. انْتَهَى.
وَاخْتَلَفَ فِي أَنَّ التَّرتيبَ المذكورَ قَطْعِيٌّ أَوْ ظَنِيٌّ، وبِالأَوَّلِ قَالَ الأَشْعَرِيُّ، وبِالثَّانِي قَالَ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ، ومِنَ الغريبِ مَا فِي تَعْلِيقِ القَاضِي حُسَيْنٍ فِي