ص: وَيَجِبُ عَلَى النَّاسِ نَصْبَ إِمَامٍ وَلَوْ مَفْضُولاً.
ش: أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ علَى المُبَادرةِ لِنَصْبِ إِمَامٍ بَعْدَ وَفَاةِ رسولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ـ قَبْلَ دَفْنِهِ وهو مُجْمَعٌ عَلَيْهِ إِلاَّ أَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ يَقُولُونَ: وُجُوبُهُ بِالشَّرْعِ، وَالمُعْتَزِلَةَ: بِالعَقْلِ.
وقَالَتِ الخوَارجُ: لاَ يَجِبُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَجِبُ عِنْدَ ظُهُورِ الْفِتَنِ، دُونَ وقتِ الأَمْنِ، وعَكَسَهُ بعضُهم.
وَخَرَجَ بقولِ المُصَنِّفِ: (علَى النَّاسِ) قَوْلُ الإِمَامِيَّةِ: إِنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ علَى اللَّهِ تعَالَى.
وأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَلَوْ مَفْضُولاً) / (245/ب/م) إِلَى انعقَادِ إِمَامةِ الْمَفْضُولِ، وهو الصَّحِيحُ عِنْدَ جمهورِ أَصحَابِنَا.
وذَهَبَ الأَشْعَرِيُّ وطَائفةٌ مِنْ قُدَمَاءِ أَصحَابِهِ إِلَى مَنْعِهِ؛ فُإِنْ عُقِدَتْ لَهُ مَعَ وُجُودِ أَفْضَلَ مِنْهُ لَمْ تَنْعَقِدْ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَلِكًا لاَ إِمَامًا فَتَمْضِِي أَحكَامُهُ، وهذَا يَقْتَضِي أَنَّ المَسْأَلَةَ اجتهَاديةٌ؛ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ قَطْعِيَّةً لَقَضَى العَاقِدُونَ لِلْمَفْضُولِ، وَبِهِ صَرَّحَ الإِمَامُ فِي (الإِرْشَادِ).
ص: ولاَ يَجِبُ علَى الرَّبِّ سُبْحَانَهُ شَيْءٌ.
ش: وَمَنْ يُوجِبُ عَلَيْهِ ولاَ حُكْمَ إِلا َّلَهُ!
فإِن قِيلَ: هو أَوْجَبَهُ علَى نَفْسِهِ، كمَا فِي قَوْلِهِ: {كَتَبَ علَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} وَقَوْلُهُ: {وكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}.
قُلْنَا: ذَلِكَ إِحسَانٌ، وتَفَضُّلٌ لاَ إِيجَابٌ وَالتزَامٌ، وأَوْجَبَ المُعْتَزِلَةُ علَى اللَّهِ اللُّطْفَ، وهو فَعْلُ مَا يُقَرِّبُ الْعَبْدَ إِلَى الطَّاعةِ وَالثوَابُ علَى الطَّاعةِ وَالعقوبةُ علَى الكبَائرِ قَبْلَ التّوبةِ، وفِعْلُ الأَصْلحِ لِعِبَادِهِ فِي الدّنيَا.