بِاللَّهِ} وقَالَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهَ)) فإِنْ عَجَزَ عَنِ التَّلَفُّظِ؛ لِخَرَسٍ أَو اخْتَرَامِ مَنِيَّةٍ قُبَيلَ التّمكينِ مِنْهُ صَحَّ إِيمَانُهُ، وإِنْ عُرِضَ عليه/ (240/أَ/م) التَّّلَفُّظُ فأَبَى مَعَ القدرةِ، كأَبِي طَالبٍ، لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا بِالاتِّفَاقِ، وكذَا إِنْ لَمْ يُعْرَضْ عَلَيْهِ عِنْدَ الجُمْهُور.
ومَال الغَزَالِيُّ إِلَى أَنَّهُ يَكْفِيهِ، وقَالُوا: كَيْفَ يُعَذَّبُ مَنْ قَلْبُهُ مملوءٌ بِالإِيمَانِ وهو المَقْصُودُ الأَصْلِيُّ، غَيْرَ أَنَّهُ لِخفَائِه نِيطَ الحُكْمُ بِالإِقرَارِ الظَّاهِرِ، وعلَى هذَا فهو مؤمنٌ عِنْدَ اللَّهِ تعَالَى، غَيْرُ مؤمنٍ فِي أَحكَامِ الدُّنيَا، عَكْسُ المُنَافِقِ وهو ظَاهرُ كلاَمِ شَيْخِهِ فِي الإِرشَادِ) أَيضًا.
وعلَى المشهورِ فَالتَّلَفُّظُ مَعَ القدرةِ هَلْ هو شَرْطٌ لِلإِيمَانِ أَو شَرْطٌ لَهُ بِمعنَى أَنَّهُ أَحَدُ رُكْنَيْهِ، ويكونُ الإِيمَانُ هو المجموعُ؟ وبِالأَوَّلِ قَالَ المُتَكَلِّمُونَ، وحُكِيَ الثَّانِي عَن أَكثرِ السَّلَفِ، وَمِنْهُم أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ، وكلاَمُ الغَزَالِيِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ ولاَ شَطْرٍ، وإِنَّمَا هو وَاجبٌ مِنْ وَاجبَاتِه، وفَسَّرَ المُعْتَزِلَةُ الإِيمَانَ بَامتثَالِ الوَاجبَاتِ، وَاجتنَابِ المَنْهِيَّاتِ؛ فَجَعَلُوه مِنْ قَبِيلِ الأَعمَالِ، ويَتَرَتَّبُ علَى هذَا الخِلاَفِ أَنَّهُ هَلْ يَقْبَلُ الزّيَادةَ وَالنَقْصَ؟
فعلَى الثَّانِي يَقْبَلُهُمَا، وعلَى الأَوَّلِ فَالمشهورُ/ (193/ب/د) أَنَّهُ لاَ يُقْبَلُهُمَا، وَاختَارَ النَّوَوِيُّ خلاَفَه.