الحَقِّ.

وتَوَسَّطَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدّينِ بْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فقَالَ: إِذَا كَانَ التَّأْوِيلُ قريبًا علَى/ (187/أَ/د) مَا يقتضِيه لِسَانُ العربِ لَمْ يُنْكَرْ، وإِنْ كَانَ بَعِيدًا تَوَقَّفْنَا عَنْهُ، وآمَنَّا بِمَعْنَاه علَى الوَجْهِ الذي أُرِيدَ بِهِ مَعَ التّنزيهِ.

قَدْ: ومَا كَانَ معنَاه مِنْ هذه الأَلفَاظِ ظَاهرًا مفهومًا مِنْ تَخَاطُبِ العربِ قُلْنَا بِهِ/ (230/ب/م) وأَوَّلْنَاهُ مِنْ غَيْرِ تَوْقِيفٍ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تعَالَى: {يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} فَتَحْمِلُه علَى حَقِّ اللَّهِ، ومَا يَجِبُ لَهُ، أَو علَى قريبٍ مِنْ هذَا المعنَى، ولاَ يَتَوقَّفُ فِيهِ، وكَذَلِكَ قَوْلُه صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: ((قَلْبُ الْمُؤْمِنِ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابعِ الرّحْمَنِ)) نَحْمُلُهُ علَى أَنَّ إِرَادةَ القَلْبِ وَاعتقَادَاتِه مُصَرَّفَةٌ بِقُدرةِ اللَّهِ ومَا يُوقِعُه فِي القلوبِ، انْتَهَى.

وَقَوْلُ المُصَنِّفِ: (مَعَ اتِّفَاقِهم علَى أَنَّ جَهْلَنَا بِتفصيلِه لاَ يَقْدَحُ) أَيْ: اكتفَاءً بِالإِيمَانِ الإِجمَالِيِّ، كَالإِيمَانِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الشّرَائعِ وأَرْسَلَهُ مِنَ الرُّسُلِ، وكذلك نُؤْمِنُ بِالمُتَشَابهَاتِ علَى الإِجمَالِ، وإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنِ المُرَادُ بِهَا علَى التَّفْصِيلِ.

ص: القُرْآنُ كلاَمُه غيرُ مخلوقٍ علَى الحَقِيقَةِ لاَ المجَازِ مكتوبٌ فِي مصَاحفِنَا محفوظٌ فِي صدورِنَا مقروءٌ بِألسنتِنَا.

ش: تَضَمَّنَ كلاَمُه أُمُورًا.

أَحَدُهَا: أَنَّ القرآنَ كلاَمُ اللَّهِ تعَالَى؛ أَيْ: القديمُ القَائمُ بِذَاتِهِ المُقَدَّسَةِ، وهو المُرَادُ بِالكلاَمِ النّفْسِيِّ، ولِهذَا قَالَ أَصحَابُنَا: لَوْ حُلِفَ بِالقرآنِ انْعَقَدَتْ يمينُه حَمْلاً علَى الكلاَمِ القديمِ، ولم يَحْكُمْ أَبُو حَنِيفَةَ بِانعقَادِ يَمِينِه حَمْلاً لَهُ علَى الأَلفَاظِ.

وزَعَمَ الشَّيْخُ عِزُّ الدّينِ بْنُ عبدِ السّلاَمِ فِي (القوَاعِدِ) أَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ استعمَالِ اللّفظِ، وهو مردودٌ؛ فإِنَّه لاَ يُفْهَمُ مِنَ القرآنِ عِنْدَ الإِطلاَقِ إِلاَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015