وقَسَّمَهَا المُصَنِّفُ إِلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا فِعْلُهُ، وهي: القُدْرَةُ وَالعِلْمُ وَالحيَاةُ وَالإِرَادةُ، وإِلَى مَا يَقْتَضِي التّنْزِيهَ عَنِ النّقْصِ، وهي: السّمْعُ وَالبَصَرُ وَالكلاَمُ وَالبقَاءُ.

وذَكَرَ الشَّيْخُ عِزِّ الدّينِ فِي القَوَاعدِ أَنَّ مِنْهَا مَا لاَ يَتَعَلَّقُ بِغيرِه كَالحيَاةِ.

ومنهَا: مَا يَتَعَلَّقُ بِغيرِه كَشْفًا كَالعِلْمِ وَالسَّمْعِ وَالبصَرِ.

ومنهَا: مَا يَتَعَلَّقُ بِغيرِه تأَثيرًا كَالقدرةِ.

ومنهَا: مَا يَتَعَلَّقُ بِغيرِه مِنْ غَيْرِ كَشْفٍ ولاَ تَأْثِيرٍ كَالكلاَمِ.

قَالَ: وأَعَمُّهَا تَعَلُّقًا الكلاَمُ وَالعِلْمُ، وأَخَصُّهَا السّمْعُ، ويَتَوَسَّطُهَا البَصَرُ، انْتَهَى.

وورَاءَ ذَلِكَ مَذْهَبَانِ:

أَحَدُهُمَا ـ وَبِهِ قَالَ الفلاَسفةُ وقدمَاءُ المُعْتَزِلَةِ ـ: إِنكَارُ هذه الصّفَاتِ، وقَالُوا: يَلْزَمُ مِنْ إِثبَاتِهَا التّركيبُ فِي الذَّاتِ فَلاَ يقَالَ لَهُ: عَالِمٌ، ولاَ قَادرٌ، وإِنَّمَا يقَالَ: لَيْسَ بعَاجزٍ ولاَ جَاهلٍ، وَالعَجَبُ إِنكَارُ ابْنِ حَزْمٍ لَفْظَ الصّفَاتِ أَصْلاً ورَأْسًا، وطَعَنَ فِي الحديثِ الذي فِي الصّحيحَيْنِ مِنْ أَنَّهَا صِفَةُ الرّحْمَنِ بِطَعْنٍ غَيْرِ مَقبولٍ.

ثَانِيهُمَا ـ وَبِهِ قَالَ متأَخِّرُو المُعْتَزِلَةِ كأَبِي هَاشِمٍ وَغَيْرِه ـ: نَفْيُ حقَائقِ هذه الصّفَاتِ وإِثبَاتُ أَحكَامِهَا؛ فَيُقَالُ: عَالِمٌ لِذَاتِهِ لاَ يَعْلَمُ، وكذَا فِي البَاقي، وتَعَلَّقُوا فِي ذَلِكَ بأَنَّ الصّفَةَ غَيْرُ الموصوفُ فَيَلْزَمُ مِنْ إِثبَاتِهَا تَعَدُّدُ القديمِ، وَقَدْ قَالَ تعَالَى: {لَقَدْ كَفَرَ الذّينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ} قَالُوا: وأَمَّا ثُبُوتُ العَالِمِيَّةِ وَالقَادِرِيَّةِ ونحوِهمَا لَهُ فهي نِسَبٌ وإِضَافَاتٌ لاَ وُجُودَ لَهَا فِي الخَارجِ، بِخلاَفِ العِلْمِ وَالقُدْرَةِ، وَالقرآنُ العزيزِ يَرُدُّ عَلَيْهِم فَإِنَّ فِيهِ إِثبَاتُ العِلْمِ وَالقُدْرَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015