الْبَصِيرُ} القَدَرُ خَيْرُهُ وَشَرُّهُ مِنْهُ.

ش: قَد نَطَقَ القرآنُ العزيزُ بأَنَّهُ فعَّالٌ لِمَا يريدُ، فقَالَ أَهْلُّ السُّنَّةِ: هو علَى عمومِه فِي الخيرِ وَالشَّرِّ.

وقَالَتِ المُعْتَزِلَةُ: إِنَّمَا يريدُ الخيرُ، فهو فَعَّالٌ له دُونَ الشَّرِّ، وَقَدْ أَشَارَ إِلَى مَذْهَبِهِم القَاضِي عبدِ الجبَّارِ بِقَوْلِهِ مخَاطِبًا ـ للأَستَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ ـ: سبحَانَ مَنْ تَنَزَّهَ عَنِ الفحشَاءِ فأَجَابَه الأَستَاذُ، سبحَانَ مَنْ لاَ يَجْرِي فِي مُلْكِهِ إِلا مَا يشَاءُ.

وَقَوْلُهُ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} تَتِمَّتُه فِي التّنزيلِ {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} فأَوَّلُ هذه الآيةِ تَنْزِيهٌ، وآخرُهَا إِثبَاتٌ، وصدرُهَا ردٌّ علَى المُجَسِّمَةِ، وعَجُزُهَا ردٌّ علَى المُعَطِّلَةِ، وَالنكتُةُ فِي نَفْيِ التّشبيهِ أَوَّلاً أَنَّهُ لو بدأَ بِذِكْرِ السّميعِ وَالبصيرِ لأَوْهَمَ التّشبيهَ، فَاسْتُفِيدَ مِنَ الابتدَاءِ بنفِيِ التّشبيهِ أَنَّهُ لاَ يُشَابِهُهُ فِي السَّمْعِ وَالبَصَرِ غيرُه.

وسَبَقَ الكلاَمُ فِي أَنوَاعِ المَجَازِ علَى أَنَّ الكَافَ هَلْ هي زَائدةٌ أَمْ لاَ.

وأَمَّا كَوْنُ القَدَرِ خيرِه وشرِّه مِنْهُ فَالكتَابُ وَالسُّنَّةُ طَافِحَانِ بِالدلاَلةِ علَى ذَلِكَ، قَالَ تعَالَى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَهُ بِقَدَرٍ} {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} {ومَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ} أَي: بقضَائِه وقَدَرِهِ {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِِي الأَرْضِ ولاَ فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كتَابٍ مِنْ قَبْلَ أَنْ نَبْرَأََهَا}.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015