المَسْأَلَةُ الثَّانِيةُ: هَلْ يَجِبُ علَى العَامِيِّ أَنْ يَلْتَزِمَ مَذْهَبًا مُعَيَّنًا أَمْ لاَ؟
فِيه مَذْهَبَانِ.
أَحَدُهُمَا ـ وَبِهِ قَطَعَ إِلْكِيَاالْهَرَّاسِيُّ، وَاختَارَه المُصَنِّفُ ـ أَنَّهُ يَجِبُ ذَلِكَ، ولاَ يَفْعَلُهُ بِمُجَرَّدِ التّشَهْيِ، بَلْ يَخْتَارُ مَذْهَبًا يُقَلِّدُه فِي كُلِّ شَيْءٍ يَعْتَقِدُهُ أَرْجَحَ أَوْ مُسَاوِيًا لِغيرِه لاَ مرجوحًا.
وَالثَّانِي: لاَ، فعلَى هذَا هَلْ لَهُ تقليدُ مَنْ شَاءَ؟ أَو يَبْحَثُ عَنْ أَشَدِّ المَذَاهِبِ؟
فِيه وجهَانِ: قَالَ النّوَوِيُّ: هذَا كلاَمُ الأَصحَابِ، وَالذي يَقْتَضِِيه الدَّلِيلُ أَنَّهُ لاَ يَلْزَمُهُ التّمَذْهُبُ بِمذهبٍ بَلْ يَسْتَفْتِي مَنْ شَاءَ، لَكِنْ مِنْ غَيْرِ تَلَقُّطٍ لِلرُّخَصِ، ولَعَلَّ مَنْ مَنَعَهُ لَمْ يَثِقْ بِعَدَمِ تَلَقُّطِهِ، ويَرُدُّ علَى المُصَنِّفِ فِي تَصْحِيحِه فِيمَا/ (223/ب/م) قَبْلَهُ جَوَازُ تقليدِ غَيْرِه فِي حُكْمٍ آخَرَ بَعْدَ استفتَائِه فِي حُكْمٍ قبلَه، مَعَ إِيجَابِه التّزَامَ مَذْهَبٍ مَعَيَّنٍ ابتدَاءً.
وَقَدْ قَالَ الصَّفِيُّ الهِنْدِيُّ: إِنْ قُلْنَا: لاَ يَجِبُ هنَاكَ فَهُنَا أَوْلَى، وإِنْ أَوْجَبْنَا هنَاك فَهُنَا وجهَانِ.
وَقَوْلُهُ: (ثم يَنْبَغِي السّعْيُ فِي اعتقَادَاتِه؛ أَيْ: مُقَلِّدُهُ أَرْجَحُ أَيْ: فِي الجُمْلَةِ.
قَالَ الشَّارِحُ: وهذَا لاَ يُخَالفُ قَوْلَه فِيمَا سَبَقَ، ومِنْ ثَمَّ لَمْ يَجِبِ البحثُ عَنِ الأَرْجَحِ؛ لأَنَّ الانبغَاءَ لَيْسَ علَى سبيلِ الوُجُوبِ، انْتَهَى.
وإِذَا الْتَزَمَ مذهبًا مُعَيَّنًا فَهَلْ يَجُوزُ الخروجُ عَنْهُ؟
فِيه مَذَاهِبُ.
الأَصَحُّ ـ فِي الرَّافِعِيِّ ـ جَوَازُهُ.
وَالثَّانِي: مَنْعُهُ.
وَالثَّالِثُ: لاَ يَجُوزُ فِي بَعْضِ المَسَائِلِ دُونَ بعضٍ، وَيَجُوزُ فِي جميعِهَا.
وعَبَّرَ