الكُبْرَى، ويَتَتَابَعُ بَعْدَه مَا لاَ يَبْقَى مَعَهُ إِلاَّ قُدُومُ الأُخْرَى.

وقَالَ وَالدُه الشَّيْخُ مَجْدُ الدّينِ فِي كتَابِهِ (تَنْقِيحُ الأَفهَامِ) عَنِ المُجْتَهِد فِي هذه الأَعصَارِ: وَلَيْسَ ذَلِكَ لِتَعَذُّرِ حُصُولِ آلةِ الاجتهَادِ، بَلْ لإِعرَاضِ النَّاسِ فِي اشتغَالِهم عَنِ الطّريقِ المُفْضِيةِ إِلَى ذلكَ).

وَاختَارَ المُصَنِّفُ جَوَازَ ذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ.

وقُلْتُ مَرَّةً لِشَيْخِنَا الإِمَامُ البَلْقِينِيُّ- رَحِمُهُ اللَّهُ تعَالَى-: مَا يَقْصُرُ بِالشَّيْخِ تَقِيِّ الدّينِ السُّبْكِيِّ عَنِ الاجْتِهَاد وَقَدْ اسْتَكْمَلَ آلاَتِهِ؟ وكَيْفَ يُقَلِّدُ؟ ولَمْ أَذْكُرَهُ هو استحيَاءً مِنْهُ لِمَا أُرِيدُ أَنْ أُرَتِّبَ علَى ذَلِكَ، فَسَكَتَ عَنْهُ.

فَقُلْتُ: مَا عندي أَنَّ الامتنَاعَ مِنْ ذَلِكَ إِلاَّ لِلوظَائفِ التي قَرَّرَتْ لِلفقهَاءِ علَى المَذَاهِبِ الأَربعةِ، وأَنَّ مَنْ خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ وَاجْتَهَدَ لَمْ يَنَلْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وحُرِمَ وِلاَيةُ القضَاءِ، وَامْتَنَعَ النَّاسُ مِنْ استفتَائِه ونُسِبَ لِلبِدْعَةِ.

فَتَبَسَّمَ ووَافَقَنِي علَى ذلكَ.

ص: وإِذَا عَمِلَ العَامِيُّ بِقولِ مُجْتَهِدٍ فَلَيْسَ لَهُ الرّجوعُ عَنْهُ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ العَمَلُ بِمُجَرَّدِ الإِفتَاءِ، وَقِيلَ: بِالشّروعُ فِي العملِ، وَقِيلَ: إِنِ الْتَزَمَهُ وقَالَ السّمْعَانِيُّ: إِنْ وَقَعَ فِي نفسِه صِحَّتَه، وقَالَ ابْنُ الصّلاَحِ: إِنْ لَمْ يُوجَدْ مُفْتٍ آخَرَ فَإِنْ وُجِدَ تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا، وَالأَصَحُّ جَوَازُهُ فِي حُكْمٍ آخَرَ، وأَنَّهُ يَجِبُ الْتِزَامُ مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ يَعْتَقِدُهُ أَرْجَحَ أَوْ مُسَاوِيًا، ثُمَّ يَنْبَغِي السّعْيُ فِي اعتقَادِه أَرْجَحُ، ثُمَّ فِي خروجِه عَنْهُ: ثَالِثُهَا لاَ يَجُوز فِي بَعْضِ المَسَائِلِ وَالأَصَحُّ أَنَّهُ يُمْتَنَعُ تَتَبُّعُ الرّخَصِ وخَالَفَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ.

ش: فِيهِ مسَائلُ:

الأَولَى: إِذَا وَقَعَتْ لِعَامِيٍّ حَادِثةٌ فَاستفتَى فِيهَا مجتهدًا فله أَحوَالٌ:

الأَولَى: أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا بِفتوَى ذَلِكَ المُجْتَهِدِ فَلَيْسَ لَهُ الرّجوعُ عَنْهُ إِلَى فتوَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015