خِلاَفٌ سَبَقَ.
الثَّالِثُ: المُسْتَفَادُ مِنَ التّفويضِ بأَنْ يقَالَ لنبيٍّ أَو مُجْتَهِدٍ: احْكُمْ بمَا تشَاءُ، فمَا حَكَمْتَ بِهِ فهو حُكْمُ اللَّهِ، فِيصيرُ قَوْلُه مِنْ جملةِ المدَارِكِ الشَّرْعِيَّةِ.
وَاخْتُلِفَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ، فقَالَ جمهورُ المُعْتَزِلَةِ بمنعِهِ، وجوَّزَهُ البَاقونَ.
وقَالَ أَبُو عليٍّ الجبَّائِيُّ فِي أَحدِ قوليه: يَجُوزُ ذَلِكَ للنبيِّ دُونَ العَالمِ، وَاختَارَه ابنُ السّمعَانيِّ، وتردَّدَ الشَّافِعِيُّ وَاختلَفَ فِي مَحَلِّ تَرَدُّدِهِ، فقَالَ الإِمَامُ: فِي الجوَازِ: وقَالَ الجُمْهُورُ: فِي الوقوعِ مَعَ جزمِهِ بِالجوَازِ، وإِذَا قُلْنَا بِالجوَازِ فَالمُخْتَارُ عِنْدَ ابْنِ الحَاجِبِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَمْ يقَعْ، ولهذَا لَمْ يَذْكُرِ المُصَنِّفُ المَسْأَلَةَ فِي بَابِ الاستدلاَلِ، وَقَدْ ذكرَهَا البَيْضَاوِيُّ فِيهِ، وجزَمَ موسَى بْنُ عمرَانَ مِنَ المُعْتَزِلَةِ بوقوعِهِ.
ثم حكَى المُصَنِّفُ خِلاَفًا فِي جَوَازِ تعليقِ الأَمرِ بِاخْتِيَارِ المأُمُورِ، وجهُ المَنْعِ التّضَادُ فإِنَّ الأَمرَ يَقْتَضِي الجزمَ بِالفعلِ، وَالتخييرُ مُنَافٍ له، وَوَجْهُ الجوَازِ كمَا فِي خِصَالِ الكفَّارةِ فإِنَّ الوَاجبَ مِنْهَا وَاحدٌ، وَمَعَ ذَلِكَ يُخَيَّرُ المُكَلَّفُ بَيْنَ خصَالٍ، وهذه/ (219/ب/م) المَسْأَلَةُ مذكورةٌ هُنَا استطرَادًا للتنظيرِ، ومحلُّهَا بَابُ الأَوَامرِ.
ص: مسأَلةٌ: التّقليدُ أَخْذُ قَوْلِ الغيرِ مِنْ غَيْرِ معرفِةِ دليلِهِ، ويلزَمُ غَيْرَ المُجْتَهِدِ، وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ تَبَيُّنُ صِحَّةِ اجتهَادِهِ، ومَنَعَ الأَستَاذُ التّقليدَ فِي القوَاطِعِ، وَقِيلَ: لاَ يُقَلَّدُ عَالِمٌ وإِنْ لَمْ يَكُنْ مجتهدًا، أَمَّا ظَانُّ الحَاكمِ بَاجتهَادِه فَيَحُرُمُ عَلَيْهِ التّقليدُ، وكذَا المُجْتَهِدُ عِنْدَ الأَكثرِ، وثَالِثُهَا: يَجُوزُ للقَاضِي، ورَابِعُهَا: يَجُوزُ تقليدُ الأَعلمِ، وخَامِسُهَا: يُقَلَّدُ عِنْدَ ضِيقِ الوقتِ، وسَادِسُهَا: فِيمَا يَخُصُّه.
ش: لمَا ذَكَرَ المُصَنِّفُ الاجْتِهَادَ ذكَرَ التّقليدَ/ (177/ب/د) وعرَّفَهُ بأَنَّهُ (أَخْذُ قَوْلِ الغَيْرِ مِنْ