يُبْنَى عَلَيْهِ كَمَا لو شَكَّ فِي نجَاسةِ أَحدِ الإِنَاءينِ ومعه مَاءٌ طَاهرٌ بيقينٍ ففِي جَوَازِ الاجْتِهَادِ وجهَانِ.

أَصحُّهُمَا: نَعَمْ، وهو قَوْلُ مَنْ يُجَوِّزُ الاجْتِهَادَ فِي زمنِه.

وَالثَّانِي: المنعُ، وتبعَه المُصَنِّفُ فِي شرحِ (المنهَاج).

قُلْتُ: ليسَتْ هذه المَسْأَلَةُ مبنيَّةً علَى تلك، وإِنَّمَا اتَّفَقَتَا فِي المُدْرِكِ وفِي وصفٍ جَامعٍ، وهو الاجْتِهَادُ مَعَ القدرةِ علَى اليقينِ، فإِذَا وُصِفَتِ المَسْأَلَةُ هكذَا كَانَ لهَا ثمرةٌ فِي الفقهِ، وإِذَا وُصِفَتْ علَى مَا تقدَّمَ كَانَتْ كلاَمًا فِي أَمرٍ انقَضَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: مسأَلةٌ: المُصِيبُ فِي العَقْلِيَّاتِ وَاحِدٌ، ونَافِي الإِسلاَمَ مُخْطِئٌ آثِمٌ كَافِرٌ، وقَالَ الجَاحظُ وَالعنبريُّ، لاَ يأَثَمُ المجتهِدُ، قِيلَ: مُطْلَقًا، وَقِيلَ: إِن كَانَ مُسْلِمًا، وَقِيلَ: زَادَ العنبريُّ: كلٌّ مصيبٌ، أَمَّا المَسْأَلَةُ التي لاَ قَاطِعَ فِيهَا، فقَالَ الشَّيْخُ وَالقَاضِي وأَبُو يُوسُفَ ومُحَمَّدُ وَابنُ/ (217/ب/م) سُرَيْجٍ: كلُّ مجتهدٍ مصيبٌ، ثُمَّ قَالَ الأَوَّلاَنِ: حُكْمُ اللَّهِ تَابِعٌ لظنِّ المجتهِدِ، وقَالَ الثّلاَثةُ: هنَاك مَا لو حَكَمَ لكَانَ بِهِ، ومِنْ ثَمَّ قَالُوا: أَصَابَ اجتهَادًا لاَ حُكْمًا، وَابتدَاءً لاَ انتهَاءَ وَالصَّحِيحُ وفَاقًا للجمهورِ: أَنَّ المصيبَ وَاحدٌ، ولِلَّهِ تعَالَى حُكْمٌ قَبْلَ الاجتهَادِ، قِيلَ: لاَ دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ عَلَيْهِ أَمَارةٌ، وأَنَّهُ مُكَلَّفٌ بإِصَابتِه، وأَنَّ مُخْطِئَهُ لاَ يأَثَمُ بَلْ يُؤْجَرُ، أَمَّا الجزئيَّةُ التي فِيهَا قَاطِعٌ، فَالمُصِيبَ فِيهَا وَاحدٌ وِفَاقًا، وَقِيلَ علَى الخِلاَفِ، ولاَ يأَثَمُ المخطئُ علَى الأَصحِّ، ومتَى قَصَّرَ مُجْتَهِدٌ أَثِمَ وفَاقًا.

ش: اخْتُلِفَتِ النُّسَخُ فِي هذه المسأَلةِ، وَالذي حَكَيْتُه هو الذي استقرَّ عَلَيْهِ المُصَنِّفُ، وتقريرُه: أَنَّ الاختلاَفَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي العَقْليَّاتِ أَو غيرِهَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015