ص: الكتَابُ السَّابعُ فِي الاجْتِهَادِ
الاجْتِهَاد: استفرَاغُ الفقيهِ الوُسْعَ؛ لتحصيلِ ظَنٍّ بِحُكْمٍ.
ش: الاجْتِهَادُ لُغَةً بَذْلُ الوُسْعِ فِيمَا فِيهِ كُلْفَةً، وهو مأَخوذٌ ـ كمَا قَالَ المَاورديِّ ـ من جهَاد، النُّفْس، وكدّ، هَا فِي طَلَبِ المُرَادِ.
وفِي الاصطلاَحِ مَا ذَكَرَهُ.
فَالاستفرَاغُ، جِنْسٌ، وهو بَذْلُ تمَامِ الطَّاقةِ، بحيثُ تحسُّ النّفسُ بِالعجزِ عَنِ الزّيَادةِ.
وَخَرَجَ بـ (الفقيه) المُقَلِّدُ.
وعبر بِالظن لأَنَّهُ لاَ اجتهَاد فِي القَطْعيَات.
وأَطلَق البَيْضَاوِيُّ ذَلِكَ فتنَاوَلَ تحصيلَهَا بِالظنِّ، وتحصيلَهَا بِالقطعِ، ولم يُقَيِّدِ المُصَنِّفُ الحُكْمَ بِكَوْنِه شَرْعِيًّا كَمَا فَعَلَ ابْنُ الحَاجِبِ، لإِشَارتِهِ إِلَى ذَلِكَ بِذِكْرِ الفقيهِ، وإِلاَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ معنًى.
ص: وَالمجتهدُ: الفقيهُ، وهو البَالغُ العَاقلُ؛ أَي: ذُو مَلَكَةٍ، يُدْرِكُ بِهَا العُلُومَ، وَقِيلَ: العَقْلُ نَفْسُ العِلْمِ، وَقِيلَ: +ضرورِيَّةٌ فقيهُ النفسِ وإِنْ أَنكَرَ القِيَاسَ، وثَالِثُهَا: إِلا الجَلِيُّ، العَارفُ بِالدليلِ العَقْليِّ، وَالتكليفُ بِهِ، ذُو الدَّرَجَةِ الوسطَى لُغَةً، وعربيَّةً، وأَصولاً، وبلاَغةً، ومتعلِّقُ الأَحكَامِ مِنْ كتَابِ وَسُنَّةٍ، وإِنْ لَمْ يَحْفَظِ (172/أَ/د) المُتُونِ، وقَالَ الشَّيْخُ الإِمَامُ: هو مِنْ هذه العلومِ مَلَكَةٌ له، وأَحَاطَ بِمُعْظَمِ قوَاعِدِ الشَّرْعِ ومَارَسَهَا، بحيثُ اكتَسَبَ قُوَّةً يَفْهَمُ بِهَا مقصودَ الشَّارعِ.
ش: ذَكَرَ المُصَنِّفُ رحمه اللَّهِ أَنَّ المُجْتَهِدَ هو الفقيهُ، فهمَا لفظَانِ مترَادفَانِ.
فإِن قُلْتُ:/ (214/أَ/م) كَانَ يَنْبَغِي علَى هذَا إِذَا وقَفَ علَى حدِّ الفقهَاءِ أَنْ يُخْتَصَّ بِهِ المُجْتَهِدُونَ ولاَ اسْتُحَضِرَ ذَلِكَ لِأَََحَدٍ مِنَ أَصحَابِنَا، بَلْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ ومَنْ تَبِعَهُ أَنَّهُ إِذَا وَقَفَ علَى الفقهَاءِ دَخَلَ فِيهِ من حَصَّلَ مِنْهُ شيئًا وإِنْ قَلَّ.