ص: خَاتمةٌ: قَالَ القَاضِي حُسَيْنٌ، مَبْنَى الفِقْهِ عَلَى اليقينِ لاَ يُرْفَعُ بِالشَّكِّ، وَالضَّرَرُ يُزَالُ، وَالمَشَقَّةُ تَجْلِبُ التّيسيرَ، وَالعَادةُ مُحَكِّمَةٌ، قِيلَ: وَالأُمُورُ بِمقَاصدِهَا.
ش: ذَكَرَ القَاضِي حُسَيْنُ أَنَّ مَبْنَى الفِقْهِ علَى هذه القوَاعدِ الأَربعِ، وَالمُرَادِ بِالقَاعدةِ مَا لاَ يَخُصُّ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الفِقْهِ؛ فَإِنْ اخْتُصَّ بِبِعْضِ الأَبوَابِ سُمِّيَ ضَابِطًا، وذَكَرَ بعضُهم أَنَّهُ أَهْمَلَ قَاعدةً خَامسةً، وهي: الأُمُورُ/ (202/ب/م) بِمقَاصدِهَا، وَاسْتَحْسَنَهُ بعضُهم لِقولِ الشَّافِعِيِّ- رَضِي اللَّه عَنْه-: إِنَّهُ يَدْخُلُ فِي حديثِ (الأَعمَالُ بِالنبَاتِ) ثُلُثُ العملِ.
وَاعتذَرَ بعضُهم عَنِ القَاضِي حُسَيْنٍ بِرجوعِهَا إِلَى تحكيمِ العَادةِ؛ فَإِنَّهَا تَقْضِي أَنَّ غَيْرَ المَنْوِيِّ مِنْ غُسْلٍ وصَلاَةٍ وكِنَايةٍ فِي عَقْدٍ لاَ يُسَمَّى غُسْلاً ولاَ قرَابةً ولاَ عقدًا، وَقَدْ رَدَّ الشَّيْخُ عِزُّ الدّينِ أَحكَامَ الشَّرْعِ إِلَى جَلْبِ المصَالحِ ودَرْءِ المفَاسدِ، وبَحَثَ بعضُهم أَنَّ دَرْءَ المفَاسدِ مِنْ جُمْلَةِ جَلْبِ المصَالحِ، وفِي رجوعِ جَمِيعِ الفِقْهِ إِلَى هذه القوَاعدِ تَعَسُّفٌ؛ فَإِنَّ أَصولَهُ مُنتشِرةٌ تَتَّضِحُ بِالتفصيلِ.
فأَمَا القَاعدة الأَولَى وهي أَنَّ اليقينَ لاَ يُرْفَعُ بِالشّكِ فأَصلُهَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((لاَ يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدُ رِيحًا)) وهي مُتَوَغِّلَةٌ فِي أَكثرِ أَبوَابِ الفِقْهِ، بَلْ تجرِي فِي أَصولِه أَيضًا، كَكَوْنِ الاستصحَابِ حُجَّةً، ْ ْوأَنَّهُ لَيْسَ علَى المَانعِ فِي المُنَاظِرةِ دليلٌ.
وأَمَّا الثَّانِيةُ: وهي أَنَّ الضّررَ يُزَالُ، فهي أَيضًا كثيرةُ التّوغُّلِ فِي أَبوَابِ